والجوز فصاحت بهم أم كلثوم وقالت: يا أهل الكوفة إن الصدقة علينا حرام وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال ومن أفواههم وترمي به إلى الأرض قال: كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم، ثم إن أم كلثوم (عليها السلام) أطلعت رأسها من المحمل وقالت لهم: يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء فبينما هي تخاطبهن إذا بضجة قد ارتفعت فإذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين (عليه السلام) وهو رأس زهري وقمري أشبه الخلق برسول الله ولحيته كسواد السبج قد انتصل منها الخضاب ووجهه دائرة قمر طالع والريح تلعب بها يمينا وشمالا، فالتفتت زينب (عليها السلام) فرأت رأس أخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها وأومت إليه بحرقة وجعلت تقول:
يا هلالا لما استتم كمالا * غاله خسفه فأبدى غروبا ما توهمت يا شقيق فؤادي * كان هذا مقدرا مكتوبا يا أخي فاطم الصغيرة كلمها * فقد كاد قلبها أن يذوبا يا أخي قلبك الشفيق علينا * ما له قد قسى وصار صليبا يا أخي لو ترى عليا لدى الأسر * مع اليتم لا يطيق وجوبا كلما أوجعوه بالضرب ناداك * بذل يفيض دمعا سكوبا يا أخي ضمه إليك وقربه * وسكن فؤاده المرعوبا ما أذل اليتيم حين ينادي * بأبيه ولا يراه مجيبا (1) خطبة سيدتنا زينب (عليها السلام) [403] - 44 - روى الطبرسي:
عن حذيم بن شريك الأسدي قال: لما أتى علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام)