في الموقف يوم عرفة، فجاء أبو الحسن الرضا (عليه السلام) ومعه بعض بني عمه، فوقف أمامي، وكنت محموما شديد الحمى، وقد أصابني عطش شديد. قال: فقال الرضا (عليه السلام) لغلام له شيئا لم أعرفه، فنزل الغلام، فجاء بماء في مشربة، فناوله فشرب، وصب الفضلة على رأسه من الحر، ثم قال: املأ، فملأ المشربة، ثم قال:
اذهب فاسق ذلك الشيخ. قال: فجائني بالماء فقال لي: أنت موعوك؟ قلت: نعم.
قال: اشرب، قال: فشربت. قال: فذهبت والله الحمى.
فقال لي يزيد بن إسحاق: ويحك يا علي! فما تريد بعد هذا، ما تنتظر؟ قلت:
يا أخي دعنا.
قال له يزيد: فحدثت (1) بحديث إبراهيم بن شعيب - وكان واقفيا مثله - قال:
كنت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلى جنبي إنسان ضخم آدم (2). فقلت له: ممن الرجل؟ فقال لي: مولى لبني هاشم. قلت: فمن أعلم بني هاشم؟ قال: الرضا (عليه السلام).
قلت: فما باله لا يجيء عنه كما جاء عن آبائه؟ قال: فقال لي: ما أدري ما تقول، ونهض وتركني، فلم ألبث إلا يسيرا حتى جاءني بكتاب فدفعه إلي، فقرأته فإذا خط ليس بجيد، فإذا فيه: يا إبراهيم، إنك نجل من آبائك، وإن لك من الولد كذا وكذا، ومن الذكور فلان وفلان - حتى عدهم بأسمائهم - ولك من البنات فلانة وفلانة، حتى عد جميع البنات بأسمائهن.
قال: وكانت له بنت تلقب بالجعفرية، قال: فخط على اسمها، فلما قرأت الكتاب قال لي: هاته. قلت: دعه. قال: لا، أمرت أن آخذه منك. قال: فدفعته إليه.