وبذلك فقد أعاد الإمام أبو جعفر (عليه السلام) للإسلام نضارته وحافظ على ثرواته الدينية من الضياع.
وجدير ذكره أن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) هم أول من سبق إلى تدوين الفقه، وبناء الصرح الإسلامي، وحافظوا على أهم ثرواته، ألا وهو فقه أهل البيت (عليهم السلام) الذي اتصف بمميزات رائعة جعلته في قمة الفقه الإسلامي وغيره من تلك المميزات:
أولا: اتصاله بالنبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة: فهم سلام الله عليهم ألصق الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) وأدرى بشؤون شريعته وأحكامه من غيرهم، فهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وجعلهم النبي (صلى الله عليه وآله) سفن النجاة، وأمناء العباد، وعدلاء الكتاب حسبما تواترت الأخبار بذلك واستفاضت.
فالإمام يروي عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن جبرائيل عن الله تبارك وتعالى، وهل هناك سند أشرق من هذا السند أو أصح منه؟ وهل يجد المسلم الذي يبتغي وجه الله والدار الآخرة طريقا يوصله إلى الله أسلم وأضمن من هذا الطريق؟
ثانيا: المرونة ومواكبة الحياة: لأنه نابع من صميم الإسلام، يساير التطور ويتمشى مع جميع متطلبات الحياة. وقد نال إعجاب جميع رجال القانون، واعترفوا بأنه من أثرى ما قنن في عالم التشريع عمقا وأصالة وإبداعا.
ثالثا: فتح باب الاجتهاد: وهذه ميزة مهمة تميز بها فقه أهل البيت (عليهم السلام) عن بقية فقه المذاهب الإسلامية الأخرى. فقد دلل ذلك على أصالة هذا الفقه، وتفاعله مع الحياة واستمراريته في العطاء لجميع شؤون الإنسان، وأنه لا يقف مكتوفا أمام مستجدات الأحداث، وأنه يعيش آفاقا رحبة وسيعة لها قابلية الامتداد مع عمر الزمن.