بلاد الشام من لا يعرف عدد الصلوات المفروضة. فكان العلماء يرون سنة مخصوصة في ذلك، وكانت الحكومة ترى رأيا مخالفا، وعلى هذا جاء الحديث " سيأتي في آخر الزمان أمراء يميتون الصلاة، فأدوا الصلاة في وقتها ".
فالحكام الأمويون لم يكن لهم أدنى اهتمام بأمور الدين سوى بعض المظاهر من صلاة الجمعة أحيانا وصلاة العيدين، وأما الشعب - وأكثرهم على دين ملوكهم - فكان في الواقع قليل الفهم والمعرفة للفقه ومسائل الدين، ولم يكن يعرف من هذه الشؤون إلا أهل المدينة وحدهم.
فهذه هي الحقيقة، وهناك أمثلة ودلائل عديدة شاهدة على حالة المجتمع الاسلامي هذه، وتتجلى هذه الحالة بشكل واضح في موسم الحج الأكبر حيث اجتماع المسلمين من مختلف الأمصار الإسلامية ونستدل على ذلك من رواية عبد الرحمن بن كثير قال: حججت مع أبي عبد الله (عليه السلام) فلما صرنا في بعض الطريق صعد على جبل فأشرف فنظر إلى الناس فقال: ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج؟! (1) وموقف آخر يمكن ان يكون دليلا يستشف منه تلك الحالة المتدنية من عدم فهم السنة وأحكام الدين وهو في موسم الحج أيضا إذ ينقل بعض من شاهده أيام الموسم فيقول: انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات، ويستفتحون أبواب المشكلات، فلم يرم حتى أفتاهم في الف مسألة ثم نهض يريد رحله (2).
ودع عنك مكانة الإمام وشعبيته واشتياق الناس لرؤيته، ونفوذه الواسع في قلوب المسلمين، كما قدمنا في أول الفصل، فإن تعبير المشاهد بانثيال الناس وهو انصبابهم وتجمهرهم عليه لا للمشاهدة والسلام فحسب، بل لأجل