الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين.
ويلك أيها السائل!! ان ربي لا تغشاه الأوهام، ولا تنزل به الشبهات، ولا يحار، ولا يجاوزه شئ، ولا تنزل به الاحداث، ولا يسأل عن شئ، ولا يندم على شئ، ولا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما، وما تحت الثرى ".
وألمت هذه القطعة الذهبية من كلام الامام العظيم بأزلية واجب الوجود وتوحيده، وتنزيهه عن المشابهة لمخلوقاته التي يحدها الجنس والفصل والتي تخضع في وجودها وعدمها إلى العلة، وتفتقر إلى الزمان والمكان وتعالى الله عن جميع ذلك فإنه الأول والآخر، والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم. وقد سئل بعض المحققين عن الله، ما هو؟ فقال: الأوحد، فقيل له: كيف هو؟ فقال:
ملك قادر، فقيل له: أين هو؟ فقال: بالمرصاد، فقال السائل: ليس عن هذا أسألك، فقال: ما أجبتك به هو صفة الحق فأما غيره فصفة الخلق.
لقد أرادوا أن يتعرفوا على ذات الله تعالى حتى كأنه شئ من الأشياء التي تخضع للحواس وسائر المدركات العقلية، ولم يعلموا أن الله تعالى فوق ما يدركه العقل، وفوق ما تتصوره الأوهام، لا إله إلا هو الحي القيوم.
وعلى أي حال فان كلام الامام (عليه السلام) قد عرض لأدق المسائل الكلامية التي لم يطرقها أحد من متكلمي المسلمين وفلاسفتهم سوى جده الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) اما الإحاطة بكلام الامام (عليه السلام) وإيضاحه فإنه يحتاج إلى دراسة مفصلة، وقد عني فلاسفة الاسلام بالاستدلال على النقاط التي وردت في حديث الامام (1).