حتى تضع الحرب أوزارها) (١) فأما قوله: (فإما منا بعد) يعني بعد السبي منهم (وإما فداء) يعني المفاداة بينهم وبين أهل الإسلام، فهؤلاء لن يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام ولا يحل لنا نكاحهم ما داموا في دار الحرب.
وأما السيف المكفوف فسيف على أهل البغي والتأويل قال الله: ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما - صلحا - فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء إلى أمر الله﴾ (٢) فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي (صلى الله عليه وآله) من هو؟ فقال: خاصف النعل - يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) - وقال عمار بن ياسر: قاتلت بهذه الراية مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثا وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين (عليه السلام) مثل ما كان من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهل مكة يوم فتحها فإنه لم يسب لهم ذرية وقال (صلى الله عليه وآله): من أغلق بابه فهو آمن. ومن ألقى سلاحه فهو آمن. وكذلك قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم البصرة:
نادى فيهم: لا تسبوا لهم ذرية ولا تدففوا على جريح ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن.
والسيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص قال الله عز وجل:
﴿النفس بالنفس والعين بالعين﴾ (3) فسله إلى أولياء المقتول وحكمه إلينا.
فهذه السيوف التي بعث الله بها محمدا (صلى الله عليه وآله) فمن جحدها أو جحد واحدا منها أو شيئا من سيرها وأحكامها فقد كفر بما أنزل الله تبارك وتعالى على محمد نبيه (صلى الله عليه وآله).