عنفا من أسلافه مع العلويين وأنه كتب إلى عامله في الحجاز كتابا جاء فيه:
جنبني دماء آل أبي طالب فإني رأيت آل حرب لما تهجموا بها لم ينصروا. فلو صح ما قيل عنه، فإن السياسة الزمنية فرضت عليه ذلك؛ لأنه أدرك مدى الاستياء الذي خلفته سياسة معاوية وولده يزيد معهم وما ترتب عليها من الانتفاضات في مختلف أنحاء الدولة لا سيما وقد ظهر منافسه الجديد عبد الله بن الزبير في الحجاز واتسعت أطماعه للعراق وغيرها من المناطق ولكن هذه الظاهرة من عبد الملك لم ترافقه طيلة حكمه، فما أن تم له القضاء على خصمه ابن الزبير واستتب له الأمر حتى كتب إلى عماله وأمرهم بالشدة والقسوة على شيعة أهل البيت وأمر الحجاج بأن يذهب إلى العراق وقال له: احتل لقتلهم فقد بلغني عنهم ما اكره، وإذا قدمت الكوفة فطأها وطأة يتضاءل لها أهل البصرة.
وراح عبد الملك يراقب تحركات الأئمة وتصرفاتهم وأمر واليه على الحجاز ان يرسل إليه زين العابدين وكان حاقدا عليه، ومع ما كان منه مع الأئمة وشيعتهم، كان يلجأ إليهم في بعض المهمات التي تهمه ولا يجد المخرج منها لعلمه بمكانتهم وأنهم لا يبخلون في النصحية على أحد ولو كان من ألد خصومهم وأعدائهم وبخاصة إذا كانت لمصلحة الإسلام.
فقد جاء في حياة الحيوان للشيخ كمال الدين الدميري وفي شذرات العقود للمقريزي وفي المحاسن والمساوئ لإبراهيم بن محمد البيهقي، وغيرهم عن الكسائي أنه قال: دخلت على الرشيد ذات يوم وهو في إيوانه وبين يديه مال كثير قد شق عنه البدر شقا وأمر بتفريقه وبيده درهم تلوح كتابته وهو يتأمله. وكان كثيرا ما يحدثني ثم قال لي: هل علمت أول من سن هذه الكتابة في الذهب والفضة؟ قلت: يا سيدي هو عبد الملك بن مروان، قال: فما كان السبب في ذلك؟ قلت: لا علم لي غير أنه أول من أحدث هذه الكتابة، فقال: سأخبرك بذلك، لقد كانت القراطيس للروم وكان أكثر من بمصر نصرانيا على دين ملك