وبين شيعتهم القرى التي باركنا فيها، قرى ظاهرة، والقرى الظاهرة: الرسل، والنقلة عنا إلى شيعتنا، وفقهاء شيعتنا إلى شيعتنا، وقوله تعالى: (وقدرنا فيها السير) فالسير مثل للعلم، سير به ليالي وأياما، مثل لما يسير من العلم في الليالي والأيام عنا إليهم، في الحلال والحرام، والفرائض والأحكام، آمنين فيها إذا أخذوا منه، آمنين من الشك والضلال، والنقلة من الحرام إلى الحلال، لأنهم أخذوا العلم ممن وجب لهم أخذهم إياه عنهم، بالمعرفة، لأنهم أهل ميراث العلم من آدم إلى حيث انتهوا، ذرية مصطفاة بعضها من بعض، فلم ينته الاصطفاء إليكم، بل إلينا انتهى، ونحن تلك الذرية المصطفاة، لا أنت ولا أشباهك يا حسن، فلو قلت لك - حين ادعيت ما ليس لك، وليس إليك -: يا جاهل أهل البصرة! لم أقل فيك إلا ما علمته منك، وظهر لي عنك، وإياك أن تقول بالتفويض، فان الله عز وجل لم يفوض الأمر إلى خلقه، وهنا منه وضعفا، ولا أجبرهم على معاصيه ظلما... الخبر.
وروي أن سالما دخل على أبي جعفر (عليه السلام) فقال:
جئت أكلمك في أمر هذا الرجل.
قال (عليه السلام): أيما رجل؟ قال: على بن أبي طالب (عليه السلام).
قال (عليه السلام): في أي أموره؟ قال: في إحداثه.
قال أبو جعفر (عليه السلام): انظر ما استقر عندك مما جاءت به الرواة عن آبائهم.
قال: ثم نسبهم، ثم قال (عليه السلام): يا سالم أبلغك أن رسول الله بعث سعد بن عبادة براية الأنصار إلى خيبر، فرجع منهزما، ثم بعث عمر بن الخطاب براية المهاجرين والأنصار، فأتى سعد جريحا وجاء عمر يجبن أصحابه ويجبنونه.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هكذا يفعل المهاجرون والأنصار؟ حتى قالها ثلاثا ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لأعطين الراية غدا رجلا كرارا ليس بفرار، يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله.