ثم قال الإمام الباقر (عليه السلام): ما أكثر ظلم هذه الأمة لعلي بن أبي طالب وأقل أنصاره، إنهم يمنعون عليا ما يعطونه لسائر الصحابة وهو أفضلهم، فكيف يمنع منزلة يعطونها غيره؟
فقيل له: وكيف ذاك يا ابن رسول الله؟
قال: لأنكم تتولون محبي أبي بكر بن أبي قحافة وتتبرأون من أعدائه كائنا من كان، كذلك تتولون عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وتتبرأون من أعدائهما كائنا من كان حتى إذا صار إلى علي (عليه السلام) قلتم نتولاه ولا نتبرأ من أعدائه بل نحبهم فكيف يجوز هذا لهم ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول، في علي (عليه السلام): اللهم وال من والاه وعاد من عاداه واخذل من خذله، أفترونه يقول ذلك، ولا يعادي من عاداه ولا يخذل من خذله؟ ليس هذا بإنصاف.
ومضى الإمام - يقول كما يدعي الراوي -: ثم إنهم إذا ذكروا ما اختص الله به عليا بدعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكرامته على ربه تعالى جحدوه ويقبلون ما يذكر لغيره من الصحابة، فما الذي منع عليا (عليه السلام) ما جعله لسائر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ هذا عمر بن الخطاب إذا قيل لهم إنه كان على المنبر في المدينة يخطب في الناس وإذا به ينادي يا سارية الجبل، فلما أتم خطابه وفرغ من الصلاة سألوه عما قاله وهو يخطب فقال: اعلموا أني وأنا أخطب إذ رمقت ببصري نحو الجهة التي خرج فيها إخوانكم إلى غزوة الكافرين بنهاوند بقيادة سعد بن أبي وقاص ففتح الله لي الأستار والحجب وقوي بصري حتى رأيتهم اصطفوا بين يدي جبل هناك. وقد جاء بعض الكفار ليدور خلف سارية ومن معه من المسلمين ويحيطوا بهم، فقلت: يا سارية الجبل ليلتجئ إليه ويكون الجبل في ظهره ويمنعهم بذلك من أن يحيطوا به، وقد منح الله إخوانكم المؤمنين أكتاف الكافرين وفتح الله عليهم بلادهم، فاحفظوا هذا الوقت فسيرد عليكم الخبر بذلك، وكان بين المدينة ونهاوند مسيرة أكثر من خمسين يوما،