الروايات تنص على أن تاريخ النقد الاسلامي يعود لسنة ست وسبعين للهجرة يوم قام عبد الملك بهذه المهمة بإشارة من الإمام الباقر، والباقر يوم ذاك كان في التاسعة عشرة من عمره، وكان في بدايات ذيعان صيته وانتشار أخبار معارفه وعلومه. وكان والده الإمام زين العابدين لا يزال حيا وعاش إلى سنة خمس وتسعين هجرية وبعدها انتقلت الإمامة إلى محمد الباقر (عليه السلام) وذلك بعد هلاك عبد الملك بخمسة عشر عاما أو أقل من ذلك ومن الجائز أن يكون المشير على عبد الملك قد أرشده إلى الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) لأنه الإمام يوم ذاك والمعروف في الأوساط الإسلامية، كما يجوز وليس ببعيد أن يكون هو الإمام الباقر (عليه السلام) كما نصت على ذلك الرواية؛ لأنه كان معروفا في الأوساط الإسلامية، ومؤهلات الأئمة (عليهم السلام) لا تقاس بعدد السنين، كما يبدو ذلك للمتتبع في تاريخهم المجيد وآثارهم الخالدة التي اختص الله بها نبيه (صلى الله عليه وآله) وأورثهم إياها (1).
أقول: جاء في دائرة المعارف البريطانية: أن أول من أمر بضرب السكة الاسلامية هو الخليفة علي بالبصرة سنة 40 من الهجرة الموافقة لسنة 660 ميلادية ثم أكمل الأمر عبد الملك بن مروان سنة 76 من الهجرة الموافقة لسنة 596 ميلادية. ويمكن الجمع بأن عليا أمر بضرب السكة في البصرة مع بقاء التعامل بسكة أخرى وكذلك ما ضربه رأس البغل من الدراهم لعمر مع أنه كان بسكة كسروية أما عبد الملك فإنه ضرب السكة بإشارة الإمام الباقر (عليه السلام) على الصفة المتقدمة ومنع من التعامل بغيرها.
ويرحل الإمام السجاد (عليه السلام) إلى جوار ربه الأعلى سبحانه عام 95 ه فينهض الإمام محمد الباقر (عليه السلام) بأعباء إمامة المسلمين، وقد امتدت إمامته تسع عشرة سنة، قضى منها زهاء السنتين في حكم الوليد بن عبد الملك الحاكم الأموي السادس (ت / 96 ه) وسنتين في عهد سليمان بن عبد الملك