عليكم فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا... ". وهذا النص يعكس مركزية القرآن المجيد في الأحكام الشرعية التي جاءت بها العترة الطاهرة. ويعكس أيضا فكرة مفادها أن الدور الشرعي للعترة الذي صممه لها الخالق عز وجل إنما يصب في إطار التفاعل مع الكتاب المجيد وإدراك معانيه الواقعية في الخلق والتكوين والبعث والإنشاء والعدالة الاجتماعية وتوزيع الحقوق وفرض الواجبات الشرعية على الافراد. فلا ريب أن نرى التلازم العقلي والشرعي بين القرآن الكريم والعترة المطهرة قائما منذ بيعة الغدير وسيبقى قائما ما دام البشر يعيشون على وجه هذه الأرض. ولم يكن الجانب العلمي للامام الباقر (عليه السلام) نظريا بحتا، بل كان - في الواقع - أخلاقيا تربويا بالإضافة إلى نزعته الإلزامية التكليفية. فقد كانت أفكاره الفقهية التي تعبر عن روح النص الشرعي، تنزع نحو التربية الأخلاقية وبناء الإلزام الذاتي عند الفرد. خصوصا فيما يتعلق بتربية الذات كطلب العلم، والإيمان، والولاية، والصبر، والعفو، والرفق، والتواضع، والأخوة ونحوها من الصفات الأخلاقية التي تساهم بشكل حاسم وفعال في بناء ذات المؤمن على النقاء والطهارة والفهم النفسي الداخلي للأشياء الخارجية. وقد استثمر الإمام الباقر (عليه السلام) جميع الوسائل الفكرية المتاحة في سبيل نشر الرسالة العلمية والاجتماعية للدين. فاهتمام الاسلام بالنظام الاجتماعي، إلى جانب النزعة الروحية، يعبر عن اهتمام الدين بقضايا الحقوق والواجبات التي أهملها حكام بني أمية من أجل مصالح القلة القبلية المنتفعة على حساب الفقراء والمستضعفين. وكان استمرار التذكير بمطالبة أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ومنهم الإمام الباقر (عليه السلام)، بالولاية الشرعية ينبع من تلك القاعدة. فإنهم (عليهم السلام) كانوا يرون - ومن خلال وظيفتهم الشرعية - الإحساس بالمسؤولية في إحقاق الحقوق وتعيين الواجبات بين جميع أفراد الأمة الاسلامية. ونحن لسنا بصدد بحث هذا الموضوع الآن. ولكن ما نريد ان نقوله أن علم الإمام الباقر (عليه السلام) بقضية
(١٦)