النصيحة، إن رأوا تائها ضالا لا يهدونه، أو ميتا لا يحيونه، فبئس ما يصنعون، لأن الله تبارك وتعالى أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما أمروا به، وأن ينهوا عما نهوا عنه، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان، فالعلماء من الجهال في جهد وجهاد، إن وعظت، قالوا: طغت، وإن علموا الحق الذي تركوا، قالوا: خالفت، وإن اعتزلوهم قالوا: فارقت، وإن قالوا: هاتوا برهانكم على ما تحدثون قالوا: نافقت. وإن أطاعوهم قالوا: عصيت الله عز وجل، فهلكت جهال في ما لا يعلمون، أميون في ما يتلون، يصدقون بالكتاب عند التعريف، ويكذبون به عند التحريف، فلا ينكرون. أولئك أشباه الأحبار والرهبان، قادة في الهوى، سادة في الردى، وآخرون منهم جلوس بين الضلالة والهدى، لا يعرفون إحدى الطائفتين من الأخرى، يقولون ما كان الناس يعرفون هذا ولا يدرون ما هو وصدقوا، تركهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) على البيضاء ليلها من نهارها، لم يظهر فيهم بدعة، ولم تبدل فيهم سنة، لا خلاف عندهم ولا اختلاف، فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا إمامين: داع إلى الله تعالى، وداع إلى النار. فعند ذلك نطق الشيطان، فعلا صوته على لسان أوليائه، وكثر خيله ورجله، وشارك في الأموال والولد من أشركه، فعمل بالبدعة، وترك الكتاب والسنة، ونطق أولياء الله بالحجة، وأخذوا بالكتاب والحكمة، فتفرق من ذلك اليوم أهل الحق وأهل الباطل، وتخاذل وتهاون أهل الهدى، وتعاون أهل الضلالة، حتى كانت هي الجماعة مع فلان وأشباهه. فاعرف هذا الصنف، وصنفا آخر فأبصرهم رأي العين نجباء، وألزمهم حتى ترد أهلك، فإن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين.
وفي رواية محمد بن يحيى، زيادة:
" لهم علم بالطريق، فإن كان دونهم بلاء فلا ينظر إليهم، فإن كان دونهم