وقد تزوج به النساء وفرق في البلدان، لرددته إلى حاله؛ فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق ".
لقد تحدث الإمام بإسهاب في خطاب تفصيلي ألقاه في ذلك اليوم عن مسؤولية قادة المجتمع في بسط العدالة الاجتماعية، وأعلن بوضوح أنه لن يسمح لأحد - دون استثناء - من استغلال المال العام، وأن أولئك الذين راكموا ثرواتهم عبر غصب المال العام وحصلوا - عن هذا الطريق - على الأراضي الخصبة (القطائع) والخيول المسومة والجواري الحسان، سيعمد علي إلى مصادرة هذه الثروات المغصوبة بأجمعها وردها إلى بيت المال.
كان هذا الحديث لأمير المؤمنين (عليه السلام) بمنزلة الصاعقة التي نزلت على رؤوس من يعنيهم الأمر، حيث راحت أصداء مواجهة نداء العدالة العلوية تتجسد في معارضة شخصيات معروفة لحكم الإمام.
وفي اليوم الثالث من أيام عهد الإمام دعا الناس إلى استلام أعطياتهم من بيت المال، حيث أمر (عليه السلام) كاتبه عبيد الله بن أبي رافع أن يسير على النهج التالي: " ابدأ بالمهاجرين فنادهم وأعط كل رجل ممن حضر ثلاثة دنانير، ثم ثن بالأنصار فافعل معهم مثل ذلك، ومن حضر من الناس كلهم الأحمر والأسود فاصنع به مثل ذلك ".
أدرك سراة القوم وكبراؤهم أن العدالة الاقتصادية في ظلال حكم علي (عليه السلام) ليست شعارا وحسب، بل هي نهج جاد لا محيد عنه، فراحوا يتحججون ويتبرمون أمام كاتب الإمام، وأبدوا تذمرهم من ذلك، فما كان من ابن أبي رافع إلا أن رفع الأمر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلم يفاجأ الإمام بانطلاق شرارة المعارضة والرفض من قبل الشخصيات المرموقة، ليس هذا وحسب، بل أعلن بجزم عن