ثم ورد إلى الكوفة في وسط مسجدها، وفيها قال الله تعالى للأرض:
(إبلعي مائك) فبلعت مائها، كما بدأ الماء منها، وتفرق الجمع الذي كان مع نوح (ع) في السفينة، فأخذ نوح (ع) التابوت فدفنه في الغري، وهو قطعة من الجبل الذي كلم الله به موسى تكليما، وقدس عليه عيسى تقديسا، واتخذ عليه محمدا (ص) حبيبا وجعله للنبيين مسكنا، فوالله ما سكن فيه بعد أبويه الطيبين آدم ونوح (ع) أكرم من علي بن أبي طالب (ع)، فإذا زرت جانب الكوفة النجف، فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم أمير المؤمنين (ع) فإنك زائر الآباء الأولين، ومحمد خاتم النبيين وعلي سيد الوصيين عليهم السلام، وان زائره تفتح له أبواب السماء عند دعوته، فلا تكن عند الخير نواما.
وعن الصادق (ع) انه قال: حدثني أبي عن جده الحسين (ع) قال: ان النبي (ص) قال لعلي (ع): والله لتقتلن بأرض العراق، وتدفن بها، فقال يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟ فقال (ص): يا أبا الحسن ان الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة، وعرصة من عرصاتها، وان الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده، تحن إليكم، وتحمل المذلة والأذى فيكم، فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها، تقربا إلى الله تعالى، ومودة معهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي، الواردون حوضي، وهم زواري غدا في الجنة.
يا علي من عمر قبوركم عدل ثواب سبعين حجة، بعد حجة الاسلام، ويخرج من ذنوبه، حتى يرجع من زيارتك كيوم ولدته أمه، فابشر وبشر أوليائك ومحبيك من النعيم، وقرة العين، بما لا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب أحد.
وعنه (ع): من زار قبر أمير المؤمنين (ع) عارفا بحقه، غير متجبر ولا متكبر كتب الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبعث من الآمنين، وهون عليه الحساب، واستقبلته الملائكة، فإذا انصرف شيعته إلى منزله، فان مرض عادوه، وان مات شيعوه بالاستغفار إلى قبره.
وعنه (ع): يا ابن مارد من زار جدي، عارفا بحقه، كتب الله له بكل خطوة