فقال خالد يا أبا الحسن بحق أخيك لما قطعت هذا من نفسك وصرت إلى منزلك مكرما إذا كان القوم رضوا بالكفاف منك، فقال أمير المؤمنين (ع): لا جزاهم الله عن أنفسهم ولا عن المسلمين خيرا.
قال: ثم عاد (ع) بدابته فاتبعه أصحابه وخالد يحدثه ويضاحكه حتى دخل المدينة، فبادر خالد إلى أبي بكر فحدثه بما كان منه، فصار أمير المؤمنين (ع) إلى قبر النبي (ص) ثم صار إلى الروضة وصلى أربع ركعات، وقام يريد الانصراف إلى منزله وكان أبو بكر جالسا في المسجد والعباس جالس إلى جنبه، فأقبل أبو بكر على العباس فقال يا أبا الفضل ادع لي ابن أخيك عليا لأعاتبه على ما كان منه إلى الأشجع فقال أبو الفضل: أو ليس قد تقدم إليك صاحبك خالد بترك معاتبته، واني أخاف عليك منه إذا عاتبته ألا تنتصر منه، فقال له أبو بكر اني أراك يا أبا الفضل تخوفني منه، دعني وإياه، فاما ما كلمني به خالد في ترك معاتبته، فقد رأيته يكلمني بكلام خلاف الذي خرج به إليه، ولا أشك انه قد كان إليه منه شئ أفزعه، فقال له العباس أنت وذاك يا بن أبي قحافة فدعاه العباس؟.
فجاء أمير المؤمنين (ع) فجلس إلى جنب العباس، فقال له العباس:
ان أبا بكر استبطاك وهو يريد أن يسألك بما جرى، فقال: يا عم لو دعاني هو لما أتيته، فقال له أبو بكر يا أبا الحسن ما ارضى لمثلك هذه الفعال! قال: وأي فعل قال قتلك مسلما بغير حق، أفما تمل من القتل؟ قد جعلته شعارك ودثارك.
فالتفت إليه أمير المؤمنين (ع) فقال: اما عتابك علي في قتل مسلم، فمعاذ الله ان أقتل مسلما بغير حق، لان من وجب عليه القتل رفع عنه اسم الاسلام، وأما قتلي الأشجع فان كان اسلامك كاسلامه فقد فزت فوزا عظيما، أقول: ما عذري إلا من الله، وما قتلته إلا عن بينة من ربي، وأما أنت اعلم بالحلال والحرام مني، وما كان الرجل إلا زنديقا، وان في منزله صنم من رخام يتمسح به ثم يصير إليك، وما كان من عدل الله تعالى ان يؤاخذني بقتل عبدة الأوثان والزنادقة، فافتتح أمير المؤمنين (ع) بالكلام فحجز بينهما المغيرة بن شعبة والعباس وأقسموا على علي (ع) فسكت،