ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه وأمينه على وحيه وصفيه وخيرته من الخلق ورضيه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت:
أنتم يا عباد الله نصب امره ونهيه وحملة دينه وكتبه ووحيه، وأمناء الله على أنفسكم وبلغاءه إلى الأمم، وزعيم حق له فيكم وعهد قدمه إليكم وبقية استخلفها عليكم كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بينة بصائره، منكشفة سرائره، منجلية ظواهره، مغتبط به أشياعه، قائد إلى الرضوان أتباعه، مؤد إلى النجاة استماعه، به تنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحاربه المخدرة، وبيناته الجلية، وبراهينه الكافية، وفضائله، المندوبة، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة، فجعل الله الايمان تطهيرا لكم من الشرك، والصلاة تنزيها عن الكبر والزكاة تزكية للنفس، ونماء في الرزق، والصيام تثبيتا للاخلاص، والحج تشييدا للدين والعدل تنظيفا للقلوب، وطاعتنا نظاما للملة، وإمامتنا أمانا من الفرقة، والجهاد عزا للاسلام، وذلا لأهل الكفر، والصبر معونة على استيجاب الاجر، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر مصلحة للعامة، وبر الوالدين وقاية من السخط، وصلة الأرحام منسا في العمر، والقصاص حقنا للدماء والوفاء بالنذر تعريضا للمغفرة، وتوفية المكاييل والموازين تغييرا للبخس، والنهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس، واجتناب القذف حجابا عن اللعنة، وترك السرقة ايجابا للعفة، وحرم الله الشرك إخلاصا بالربوبية، فاتقوا حق تقاته، ولا تموتن وأنتم مسلمون، وأطيعوا الله فيما أمركم به، ونهاكم عنه فإنما يخشى الله من عباده العلماء.
ثم قالت: أيها الناس اعلموا اني فاطمة وأبي محمد (ص) أقول عودا وبدءا ولا أقول غلطا ولا أفعل شططا (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم * فان تعزوه وتعرفوه وجدتموهم أبي دون نسائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم، والعم المعزى إليه (ع) فبلغ الرسالة صادعا بالتذكرة، مائلا عن درجة المشركين، ضاربا ثبجهم، آخذا بكظمهم، داعيا إلى سبيل الله بالحكمة