وكان لمعاوية غلام يسمى بحريث وكان فارسا بطلا وكان معاوية يحذره من التعرض لعلي عليه السلام فخرج إلى الميدان، فقبض عليه أمير المؤمنين " ع " وحبسه في الهواء على يده، وجعل (ع) يجول في الميدان ويقول:
ألا احذروا في حربكم أبا الحسن * ولا تروموه فذا من الغبن فإنه يدقكم دق الطحن * ولا يخالف في الكفاح من ومن قال: وخرج من أهل الشام رجل يقال له محزان بن عبد الرحمن فوقف بين الصفين وسأل المبارزة، فخرج إليه رجل يقال له المؤمل بن عبيد المرادي فتضاربا بأسيافهما فقتله الشامي، ثم نزل وحز رأسه وكب الرأس على وجهه، ثم نزل إليه فتى من الأزد يقال له مسلم بن عبد ربه فقتله الشامي ونزل وحز رأسه وكب الرأس على وجهه!.
فلما رأى علي ذلك تنكر للشامي وهو واقف بين الصفين فخرج إليه والشامي لا يعرفه، فطلبه! فبدره (ع) فضربه على عاتقه فرمى بشقه فسقط فنزل وحز رأسه ورمى به إلى السماء، ثم ركب ونادى: هل من مبارز؟ فخرج إليه آخر من فرسان الشام فضربه وقتله ونزل واحتز رأسه وحل وجهه إلى السماء، ثم ركب ونادى: هل من مبارز؟
فلم يزل يخرج إليه فارس بعد فارس وهو يقتله ويفعل به مثل الأول، إلى أن قتل منهم سبعة عشر، فأحجم الناس عنه ولم يعرفوه.
فقال معاوية لعبد له يقال له حرب وكان بطلا شديدا يا حرب اخرج إلى هذا الفارس واكفني أمره فإنه قتل من أصحابي ما قد رأيت! فقال له حرب اني والله أرى مقام فارس لو بارزه عسكرك كله لأفناهم عن آخرهم، فان شئت برزت إليه واعلم أنه قاتلي لا محالة، وان شئت فاستبقني لغيره، فقال معاوية لا والله ما أحب ان تقتل فقف مكانك حتى يخرج إليه غيرك.
وجعل علي (ع) ينادي ويدعوهم فما خرج إليه أحد، فرفع المغفر عن رأسه ورجع إلى عسكره، فخرج من أهل الشام رجل يقال له كريب بن الصباح، فوقف بين الصفين وسأل المبارزة، فخرج له من أهل العراق رجل يقال له المبرقع الخولاني فقتله