تعللي الأطفال لأخبز انا فقالت انا بالخبز أبصر وعليه أقدر ولكن شأنك والأطفال فعللهم حتى افرغ من الخبز فعمدت المرأة إلى الدقيق فعجنته وعمد علي (ع) إلى اللحم فطبخه وجعل يلقم الصبيان من اللحم والتمر وغيره وكلما ناول الصبيان من ذلك شيئا قال له يا بني اجعل علي بن أبي طالب في حل مما مر في أمرك فلما اختمر العجين قالت يا عبد الله أسجر التنور فبادر لسجره فلما أشعله لفح في وجهه فجعل يقول ذق يا علي هذا جزاء من ضيع الأرامل واليتامى، فرأته امرأة تعرفه فقالت ويحك من هذا الذي يسجر لك التنور؟ فقالت لا اعرفه انه رجل اصابته الشفقة علينا، فقالت هو أمير المؤمنين، قال فبادرت المرأة وهي تقول وا حيائي منك يا أمير المؤمنين قال فقال عليه السلام بل وا حيائي منك يا أمة الله فيما قصرت في أمرك، فخرج (ع) وجعل يجري عليهم أحسن النفقة.
ومن شفقته: دخلت سودة بنت عمارة الهمدانية على معاوية بعد شهادة علي عليه السلام فجعل يؤنبها على تحريضها عليه أيام صفين وآن امره إلى أن قال لها ما حاجتك؟ قالت إن الله مسائلك عن أمرنا وما افترض عليك من حقنا وما زال يقدم علينا من قبلك من يسمو بمكانك ويبطش بقوة سلطانك فيحصدنا حصد السنبل ويدوسنا دوس الحرمل يسومنا الخسف ويذيقنا الحتف هذا بسر بن أرطأة قدم علينا فقتل رجالنا ونهب أموالنا ولولا الطاعة لكان فينا عز ومنعة فان عزلته عنا شكرناك وإلا كفرناك فقال معاوية إياي تهددين يا سودة بقومك لقد همت ان أحملك على قتب أشوس فأرسلك إليه فينفد فيك حكمه، فأطرقت سودة ساعة ثم أنشدت تقول:
صلى الاله على جسم تضمنه * قبر فأصبح فيه الحق مدفونا قد حالف الحق لا يبغي به بدلا * فصار الحق والايمان مقرونا فقال معاوية من هذا يا سودة؟ قالت هو والله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والله يا معاوية لقد جئته في رجل كان قد ولاه صدقاتنا فجار علينا فصادفته قائما يصلى فلما رآني انفتل من صلاته ثم اقبل علي برحمة ورفق ورأفة وتعطف وقال لي ألك حاجة قلت نعم وأخبرته الخبر فبكى ثم قال: اللهم أنت الشاهد علي وعليهم واني لم آمرهم بظلم خلقك