قال جابر بن عبد الله: كان أبي أول قتيل قتل من المسلمين، قتله سفيان بن عبد شمس وهو والد أبي الأعور السلمي.
وروى محمد بن عمر عن شيوخه قالوا: قال عبد الله بن عمرو بن حرام - بالراء - رأيت في النوم قبل أحد مبشر بن عبد المنذر يقول لي: أنت قادم علينا في أيام، فقلت: وأين أنت؟ قال: في الجنة، أسرح فيها كيف أشاء، قلت: ألم تقتل يوم بدر؟ قال: بلى، ثم أحييت، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " هذه الشهادة يا أبا جابر ".
ذكر مقتل قزمان وهو بضم القاف وسكون الزاي وآخره نون، كان أتيا لا يدري ممن هو، وكان يعرف بالشجاعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر له: إنه من أهل النار، فتأخر يوم أحد فعيرته نساء بني ظفر، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسوي الصفوف حتى انتهى إلى الصف الأول، فكان أول من رمى من المسلمين بسهم، فجعل يرسل نبلا كأنها الرماح ويكت كتيت الجمل ثم فعل بالسيف الأفاعيل حتى قتل سبعة أو تسعة وأصابته جراحة، فوقع، فناداه قتادة بن النعمان: يا أبا الغيداق هنيئا لك الشهادة، وجعل رجال من المسلمين يقولون له: والله لقد أبليت اليوم يا قزمان فأبشر، قال: بماذا أبشر؟! فوالله ما قاتلت إلا على أحساب قومي، ولولا ذلك ما قاتلت.
ثم تحامل على سيفه - وفي لفظ: أخذ سهما من كنانته - فقتل نفسه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه من أهل النار، إن الله تعالى يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر!
ذكر مقتل أنس بن النضر رضي الله عنه وهو بالنون والضاد المعجمة.
روى الطيالسي وابن أبي شيبة وابن سعد والشيخان والترمذي والبغوي الكبير وغيرهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه وابن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن أن أنس بن النضر عم أنس بن مالك رضي الله عنه وبه سمي أنسا، غاب عن بدر فشق عليه وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه، لئن أشهدني الله تعالى قتال المشركين ليرين الله تعالى ما أصنع، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما فعل هؤلاء - يعني المشركين - فانتهى إلى رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا ما بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ما تصنعون بالحياة بعده؟! قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استقبل القوم، فلقيه سعد بن معاذ دون أحد، فقال سعد: أنا معك. قال سعد: فاستقبل أنس القوم فلم أستطع أن أصنع ما صنع، فقال: يا سعد بن معاذ - وفي لفظ يا أبا عمرو - واها لريح الجنة، ورب