قال أبو طلحة: وكانوا بضعة - وفي رواية أربعة - وعشرين.
قالت عائشة: إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملأها، فذهبوا ليحركوه فتزايل، فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة. وقال أبو طلحة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أظهره الله على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال.
وقال أنس: ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلى بدر ثلاثا، ثم أتاهم. قال أبو طلحة: فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم براحلته فشد عليها رحلها، ثم مشى وتبعه أصحابه، وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفا البئر، وفي لفظ على شفير الركي.
وفي بعض الروايات عن أنس: أن ذلك كان ليلا، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، وفي رواية: " يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ هل وجدتم ما وعد الله ورسوله حقا، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا، بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس، فجزاكم الله عني من عصابة شرا، خونتموني أمينا، وكذبتموني صادقا ". فقال عمر: يا رسول الله، أتناديهم بعد ثلاث، كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟ وفي لفظ: كيف يسمعون أو أنى يجيبون وقد جيفوا؟ فقال: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، إنهم الان يسمعون ما أقول لهم، غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علينا شيئا " (1).
قال قتادة: أحياهم الله تعالى حتى أسمعهم قوله، توبيخا لهم، وتصغيرا ونقمة وحسرة وندامة.
قال عروة: فبلغ عائشة قول ابن عمر، فقالت: ليس هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما قال: " إنهم ليعلمون الآن الذي كنت أقول لهم حقا، إنهم تبوؤوا مقاعدهم من جهنم " (2) إن الله تعالى يقول: (إنك لا تسمع الموتى) [النمل 80] (وما أنت بمسمع من في القبور، إن أنت إلا نذير) [فاطر 22، 23] وفي رواية عند الإمام أحمد من طريقين رجالهما ثقات، عن عائشة: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أنتم بأفهم لقولي منهم "، أو " لهم أفهم لقولي منكم " (3). وروى البزار والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لما جئ بأبي جهل يجر إلى القليب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كان أبو طالب حيا لعلم أن أسيافنا قد التبست