خراش بن الصمة، فلما بعثت قريش فداء الاسرى بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص وأخيه عمرو بن الربيع بمال، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال:
" إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا "، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أن يخلي سبيل زينب إليه، وكان فيما شرط عليه في إطلاقه، ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم ما هو، إلا أنه لما خرج بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار، مكانه، فقال: " كونا ببطن يأجح حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتياني بها "، فخرجا مكانهما، وذلك بعد بدر بشهر أو شيعه، فلما قدم أبو العاس مكة أمرها باللحوق بأبيها، فخرجت تجهز، فكان ما سيأتي في الحوادث.
وقال جماعة من الأسارى لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهم العباس: إنا كنا مسلمين، وإنما خرجنا كرها فعلام يؤخذ منا الفداء؟ فأنزل الله تعالى فيما قالوا: (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى) وفي قراءة: (الاسرى) (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا)، إيمانا وإخلاصا (يؤتكم خيرا مما أخذ منكم) ومن الفداء بأن يضعفه لكم في الدنيا ويثيبكم في الآخرة (ويغفر لكم) ذنوبكم (والله غفور رحيم وإن يريدوا) أي الأسارى (خيانتك) بما أظهروا من القول (فقد خانوا الله من قبل) قبل بدر بالكفر (فأمكن منهم) ببدر قتلا وأسرا فليوقعوا مثل ذلك إن عادوا (والله عليم) بخلقه (حكيم) [الأنفال 70، 71] في صنعه.
وروى ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، وأبو نعيم في الدلائل، وإسحاق بن راهويه في سنده، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وأبو الشيخ عن طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وابن إسحاق، وأبو نعيم، عن جابر بن عبد الله بن رئاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر يوم بدر سبعين من قريش، منهم العباس وعقيل، فجعل عليهم الفداء أربعين أوقية من ذهب.
قال سعيد بن جبير: وجعل على العباس مائة أوقية، وقالوا أربعين، وعلى عقيل ثمانين أوقية، فقال العباس: لقد تركتني فقير قريش ما بقيت، فأنزل الله تعالى: (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى) [الأنفال: 70] الآية. قال العباس حين أنزلت: لوددت أنك كنت أخذت مني أضعافها فأتاني الله خيرا منها أربعين عبدا، كل في يده ماله يضربه به، وإني أرجو من الله المغفرة.
وروى البخاري وابن سعد عن أنس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمال من البحرين فقال: " انثروه في المسجد "، فكان أكثر مال أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه العباس فقال: يا رسول الله