قال أبو عمر: هذا لفظ عبد الله بن إدريس، وفي رواية الزبير بن بكار: فرق لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دمعت عيناه، وقال لأبي بكر: " لو سمعت شعرها لم أقتل أباها ".
قال الزبير بن بكار: سمعت بعض أهل العلم يغمز هذه الأبيات ويقول إنها مصنوعة، وذكر الجاحظ في آخر كتاب البيان أن اسمها ليلى، وأنها جذبت رداء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطوف، وأنشدته الأبيات المذكورة.
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الظبية أمر بقتل عقبة بن أبي معيط، فقال: يا محمد من للصبية. قال: " النار ". فقال: أأقتل من بين قريش صبرا؟! فقال عمر: حن قدح ليس منها، فقتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري في قول ابن إسحاق، وقال ابن هشام: قتله علي بن أبي طالب. فالله أعلم. والذي أسره عبد الله بن سلمة - بكسر اللام - وصدق الله تعالى ورسوله في قوله لعقبة: إن وجدتك خارج مكة ضربت عنقك صبرا.
وروى الطبراني عن ابن عباس قال: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثلاثة صبرا: قتل النضر بن الحارث، وطعيمة بن عدي، وعقبة بن أبي معيط.
ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالروحاء لقيه المسلمون يهنئونه بما فتح الله تعالى عليه ومن معه من المسلمين، فقال لهم سلمة بن سلامة بن وقش: ما الذي تهنئوننا به؟
فوالله إن لقينا به إلا عجائز صلعا كالبدن المعقلة فنحرناها، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:
" أي ابن أخي؟ أولئك الملا، لو رأيتهم لهبتهم، ولو أمروك لأطعتهم، ولو رأيت فعالك مع فعالهم لاحتقرته، وبئس القوم كانوا لنبيهم ".
قال ابن هشام: الملا: الاشراف والرؤساء.
قال محمد بن عمر الأسلمي: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المدينة قبل الأسارى بيوم مؤيدا منصورا قد خافه كل عدو له بالمدينة وحولها، فأسلم بشر كثير من أهل المدينة، وحينئذ دخل عبد الله بن أبي بن سلول في الاسلام ظاهرا، وقالت اليهود: تيقنا أنه النبي الذي نجد نعته في التوراة.
ودخل صلى الله عليه وسلم من ثنية الوداع. قال في الامتاع: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة رجوعه من بدر يوم الأربعاء الثاني والعشرين من رمضان، وتلقاه الولائد بالدفوف وهن يقلن:
طلع البدر علينا * من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا * ما دعا لله داع ويرحم الله الامام العلامة ابن جابر حيث قال:
بدا يوم بدر وهو كالبدر حوله * كواكب في أفق المواكب تنجلي