جري الفرس، وفرس الزبير بن العوام يسمى: السيل ويقال: اليعسوب - بفتح المثناة التحتية فعين ساكنة مهملة فسين مضمومة مهملة كذلك فواو ساكنة فموحدة - ولابن سعد في رواية عن يزيد بن رومان قال: كان معهم ثلاثة، وزاد فرسا لمرثد بن أبي مرثد الغنوي، يقال له:
السيل، واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشاة - وهم في المساقة - قيس بن أبي صعصعة - واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول - وأمره حين فصل بن بيوت السقيا أن يعد المسلمين فوقف بهم عند بئر أبي عنبة فعدهم، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم ثلاثمائة وثلاثة عشر، ففرح بذلك وقال: عدة أصحاب طالوت.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص وهم بتربان: يا سعد انظر إلى الظبي ففوق له بسهم، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع ذقنه بين منكبي سعد وأذنيه، ثم قال: ارم، اللهم سدد رميته، فما أخطأ سهم سعد عن نحر الظبي، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج سعد يعدو فأخذه وبه رمق، فذكاه وحمله، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسم بين أصحابه، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بعرق الظبية لقوا رجلا من الاعراب فسألوه عن الناس، فلم يجدوا عنده خبرا، فقالوا له: سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أوفيكم رسول الله؟ قالوا: نعم، فسلم عليه، ثم قال: إن كنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرني عما في بطن ناقتي هذه، فقال سلمة بن سلامة بن وقش: لا تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل علي فأنا أخبرك عن ذلك، قد نزوت عليها ففي بطنها منك سخلة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مه، أفحشت على الرجل "، ثم أعرض عن سلمة.
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم سجسج وهي بئر الروحاء، ثم ارتحل منها حتى إذا كان بالمنصرف ترك طريق مكة بيسار، وسلك ذات اليمين على النازية، يريد بدرا، فسلك في ناحية فيها حتى إذا جزع واديا يقال له: الرحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم على المضيق، ثم انصب منه حتى إذا كان قريبا من الصفراء بعث بسبس بن عمرو الجهني حليف بني ساعدة، وعدي بن أبي الزغباء حليف بني النجار، إلى بدر يتحسسان له الاخبار عن أبي سفيان.
ولما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما أو يومين، ثم نادى مناديه: يا معشر العصاة إني مفطر فأفطروا، وذلك أنه قد كان قال لهم قبل ذلك: أفطروا، فلم يفعلوا. ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قدمهم، فلما استقبل الصفراء - وهي قرية بين جبلين - سأل عن جبليها:
ما اسماهما؟ فقالوا: يقال لأحدهما: مشلح، وقالوا للاخر: مخرئ، وسأل عن أهلها فقيل: بنو النار وبنو حراق، بطنان من بني غفار، فكرههما رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرور بينهما، وتفاءل بأسمائهما وأسماء أهلهما، فتركهما رسول الله صلى الله عليه وسلم والصفراء بيسار، وسلك ذات اليمين على واد يقال له: ذفران، وجزع فيه ثم نزل، وأتاه الخبر بمسير قريش، ليمنعوا عيرهم، فاستشار