وروى الطبراني والبزار، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما نزل أبو سفيان وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إني رأيت في المنام سيفي ذا الفقار انكسر، وهي مصيبة، ورأيت بقرا تذبح، وهي مصيبة، ورأيت علي درعا وهي مدينتكم لا يصلون إليها، إن شاء الله تعالى (1).
وروى البيهقي عن ابن شهاب قال: يقول رجال: كان الذي رأى بسيفه الذي أصاب وجهه.
قال ابن عتبة وابن إسحاق وابن سعد وغيرهم: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الرؤيا ليلة الجمعة، فلما أصبح جاء أصحابه، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم ذكر الرؤيا لهم وقال: إن رأيتم أن تقيموا بالمدينة ونجعل النساء والذرية في الآطام، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن دخلوا علينا قاتلناهم في الأزقة فنحن أعلم بها منهم، ورموا من فوق الصياصي والآطام، وكانوا قد شبكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية فهي كالحصن، وكان هذا الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي الأكابر من المهاجرين والأنصار، وكان عبد الله بن أبي يرى رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال جماعة من المسلمين غالبهم أحداث لم يشهدوا بدرا، وطلبوا الشهادة وأحبوا لقاء العدو، وأكرمهم الله تعالى بالشهادة يوم أحد: يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، فقال عبد الله بن أبي: يا رسول الله أقم بالمدينة ولا تخرج، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا بشر مجلس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم، ورماهم الصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا. فقال حمزة بن عبد المطلب، وسعد بن عبادة، والنعمان بن مالك في طائفة من الأنصار: إنا نخشى يا رسول الله أن يظن عدونا أنا كرهنا الخروج إليهم جبنا عن لقائهم، فيكون هذا جرأة منهم علينا، وقد كنت يوم بدر في ثلاثمائة رجل، فظفرك الله تعالى عليهم، ونحن اليوم بشر كثير، قد كنا نتمنى هذا اليوم وندعو الله تعالى به، فساقه الله تعالى إلينا في ساحتنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرى من إلحاحهم كاره، وقد لبسوا السلاح.
وقال إياس بن أوس بن عتيك، نحن بنو عبد الأشهل، إنا لنرجو أن نكون البقر المذبح.
وقال غيره: هي إحدى الحسنيين: الظفر أو الشهادة، والله لا تطمع العرب في أن تدخل علينا منازلنا. وقال حمزة: والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم بسيفي