فجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمه بين المسلمين عن بواء. يقول: عن سواء.
وهكذا رواه أحمد عن محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق به.
ومعنى قوله: " على السواء " أي ساوى فيها بين الذين جمعوها، وبين الذين اتبعوا العدو، وبين الذين ثبتوا تحت الرايات، لم يخصص بها فريقا منهم ممن ادعى التخصيص بها ولا ينفى هذا تخميسها وصرف الخمس في مواضعه، كما قد يتوهمه بعض العلماء، منهم أبو عبيدة وغيره، والله أعلم. بل قد تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار من مغانم بدر.
قال ابن جرير: وكذا اصطفى جملا لأبي جهل كان في أنفه برة من فضة، وهذا قبل إخراج الخمس أيضا.
* * * وقال الإمام أحمد: حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا ابن إسحاق، عن عبد الرحمن ابن الحارث بن عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة، عن سليمان بن موسى، عن أبي سلام، عن أبي أمامة، عن عبادة بن الصامت، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا، فالتقى الناس فهزم الله العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، وأكبت طائفة على المغنم يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وليس لاحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق به منا، نحن نفينا منها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: خفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به. فأنزل الله:
" يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول، فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ".