فقسمها رسول الله بين المسلمين: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار في أرض العدو نفل الربع، فإذا أقبل راجعا نفل الثلث، وكان يكره الأنفال.
وقد روى الترمذي وابن ماجة، من حديث الثوري، عن عبد الرحمن بن الحارث آخره. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من حديث عبد الرحمن، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.
وقد روى أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم من طرق، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا. فسارع في ذلك شبان الرجال وبقى الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت الغنائم جاءوا يطلبون الذي جعل لهم، قال الشيوخ: لا تستأثروا علينا، فإنا كنا ردءا لكم لو انكشفتم لفئتم إلينا. فتنازعوا، فأنزل الله تعالى:
" يسألونك عن الأنفال، قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ".
وقد ذكرنا في سبب نزول هذه الآية آثارا أخر يطول بسطها ها هنا.
ومعنى الكلام: أن الأنفال مرجعها إلى حكم الله ورسوله يحكمان فيها بما فيه المصلحة للعباد في المعاش والمعاد، ولهذا قال تعالى: " قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ".
ثم ذكر ما وقع في قصة بدر، وما كان من الامر حتى انتهى إلى قوله: " واعلموا أن ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " الآية فالظاهر أن هذه الآية مبينة لحكم الله في الأنفال الذي جعل مرده إليه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فبينه تعالى وحكم فيه بما أراد تعالى، وهو قول أبى زيد.
وقد زعم أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم