فخرج وخرجنا، فلما سرنا يوما أو يومين قال لنا: " ما ترون في القوم، فإنهم قد أخبروا بمخرجكم؟ " فقلنا: لا والله ما لنا طاقة بقتال القوم، ولكنا أردنا العير.
ثم قال: " ما ترون في قتال القوم؟ " فقلنا مثل ذلك.
فقام المقداد بن عمرو [فقال]: إذا لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون.
قال: فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا مثل ما قال المقداد، أحب إلينا من أن يكون لنا مال عظيم، فأنزل الله عز وجل على رسوله: " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون " وذكر تمام الحديث.
روى ابن مردويه أيضا، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، عن أبيه عن جده، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، حتى إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال: " كيف ترون؟ " فقال أبو بكر: يا رسول الله بلغنا أنهم بكذا وكذا. قال: ثم خطب الناس فقال: " كيف ترون؟ " فقال عمر مثل قول أبى بكر.
ثم خطب الناس فقال: " كيف ترون؟ ".
فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله إيانا تريد؟ فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط ولا لي بها علم، ولئن سرت حتى تأتى برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون. ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون، ولعل أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك فامض، فصل حبال من شئت، واقطع حبال من شئت، وعاد من شئت، وسالم من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت.