وحكى هذا القول ابن جرير من طريق السدى، فسنده عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة.
قال الجمهور الأعظم: إنما صرفت في النصف من شعبان، على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة.
ثم حكى عن محمد بن سعد، عن الواقدي، أنها حولت يوم الثلاثاء النصف من شعبان، وفى التحديد نظر. والله أعلم.
وقد تكلمنا على ذلك مستقصى في التفسير عند قوله تعالى: " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها، فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعلمون ". وما قبلها وما بعدها، من اعتراض سفهاء اليهود والمنافقين والجهلة الطغام على ذلك، لأنه أول نسخ وقع في الاسلام.
هذا وقد أحال الله قبل ذلك في سياق القرآن تقرير جواز النسخ عند قوله " ما ننسخ من آية أو ننسها، نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير ".
وقد قال البخاري: حدثنا أبو نعيم، سمع زهيرا، عن أبي إسحاق، عن البراء، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشرا شهرا، أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها إلى الكعبة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن كان معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال:
أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة. فداروا كما هم قبل البيت.
وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول رجال قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله " وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم "