كما ندمتم قبل اليوم عن قعودكم عن الحسين بن علي، إذ قتل بساحة أرضكم ثم لم تمنعوهم ولم تدفعوا عنهم، فأصبحتم على ما فعلتم نادمين، هذا كتابي إليكم وهو حجة عليكم - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته -.
قال: ثم وجه ابن الحنفية بهذا الكتاب إلى المختار، فلما قرأ المختار كتاب ابن الحنفية خنقته العبرة واستعبر باكيا ثم قال: يا غلام! ناد (1) في الناس: الصلاة جامعة! قال: فنادى المنادي واجتمع الناس إلى المسجد الأعظم، وخرج المختار حتى دخل المسجد وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! هذا كتاب مهديكم وصريح آل نبيكم، يستغيث بكم ما نزل به من ابن الزبير، فأغيثوه وأعينوه، فلست بأبي إسحاق إن لم أنصره نصر مؤازر، وإن لم أحزب (2) الخيل في آثار الخيل كالسيل يتلوه السيل، حتى يحل (3) من عاداه الويل. ثم قال: يا أبا المعتمر! أخرج فعسكر بدم هند، بجد وجد، على خيل طائر وسعد. وأخرج أنت يا هانئ بن قيس! فعسكر بدار السري بن وقاص العاصي، المداهن الحياص، الذي زعم أنه لنا سلم، وأنه من أهل العلم، قد علمت أنه من أهل الخيانة والظلم.
قال: فخرج الناس فعسكروا كما أمرهم به المختار، فدعا المختار بأبي عبد الله الجدلي وكان من خيار أهل الكوفة وأكابرهم، فدفع إليه أربعمائة ألف درهم (4) وأمره بالمسير إلى محمد ابن الحنفية ثم كتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم، للمهدي محمد بن علي، من المختار بن أبي عبيد، أما بعد فقد قرأت كتابك وأقرأته شيعتك وإخوانك من أهل الكوفة، وقد سيرت إليك الشيعة إرسالا يتبع أولاهم أخراهم (5)، وبالله أقسم قسما صادقا لئن لم يكف عنك من تخاف غائلته على نفسك وأهل بيتك لأبعثن إليك الخيل والرجال ما يضيق به مكة على ما عاداك وناواك، حتى يعلم ابن الزبير أنك أعز منه نفرا ودعوة وأكثر نفيرا، فأبشر فقد أتاك الغوث وجاءك الغيث، وقد وجهت إليك بأربعمائة ألف درهم لتجعلها فيمن أحببت