وحرمة الشهر الحرام! لتخلين سبيل صاحبنا ابن علي ولينزلن من مكة حيث يشاء ومن الأرض حيث يحب أو لنجاهدنك بأسيافنا جهادا وجلادا يرتاب منه المبطلون. قال:
وإذا محمد ابن الحنفية قد أقبل في جماعة من أصحابه حتى دخل المسجد الحرام، قال: ونظر ابن الزبير فإذا أصحابه كثيرو أصحاب ابن الحنفية قليل، غير أنهم مغضبون مجمعون على الحرب محبون لذلك، فعلم أن جانبهم خشن، وأن وراءهم شوكة شديدة من قبل المختار فجعل يتشجع ويقول لإخوته وأصحابه: ومن ابن الحنفية وأصحابه هؤلاء! والله ما هم عندي شيء! ولو أني هممت بهم لما مضى ساعة من النهار حتى تقطف رؤوسهم كما يقطف الحنظل. قال له رجل من أصحاب ابن الحنفية (1): والله يا بن الزبير! لئن رمت ذلك منا فإني أرجو أن يوصل إليك من قبل أن ترى فينا ما تحب. قال: ثم ضرب الطفيل (2) بيده إلى سيفه فاستله فهم أن يفعل شيئا، فقال ابن الحنفية لأبيه: يا أبا الطفيل! قل لابنك فليكف عما يريد أن يصنع. ثم أقبل على أصحابه فقال: يا هؤلاء! مهلا فإني أذكركم الله إلا كففتم عنا أيديكم وألسنتكم، فإني ما أحب أن أقاتل أحدا من الناس، ولا أقول للناس إلا حسنا، ولا أريد أيضا أن نازع ابن الزبير في سلطانه ولا بني أمية في سلطانهم، ولا أدعوكم إلى أن يضرب بعضكم بعضا بالسيف، وإنما آمركم أن تتقوا الله ربكم، وأن تحقنوا دماءكم، فإني قد اعتزلت هذه الفتنة التي فيها ابن الزبير وعبد الملك بن مروان إلى أن تجتمع الأمة على رجل واحد، فأكون كواحد من المسلمين. قال:
فقال رجل من أصحاب عبد الله بن الزبير: صدق والله الرجل - يعني ابن الحنفية!
والله ما هذه إلا فتنة كما قال! والسعيد عندي من اعتزلها. قال: فصاح به ابن الزبير وقال: اسكت أيها الرجل! فإنك لا تعقل ما يأتي وما تدري من هذا حتى يسمع قوله ويؤخذ برأيه، إنما كان هذا مع أخويه الحسن والحسين كالعسيف الذي لا يؤامر ولا يشاور. قال فقال له محمد ابن الحنفية: كذبت والله لو مت! ما كان إخواني بهذه المنزلة، ولكنهم كانوا أخوي وشقيقي، وكنت أعرف لهم فضلهم ونسبهم وقرابتهم من الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كانوا يعرفون لي من الحق مثل ذلك، وما قطعوا أمرا دوني مذ عقلت، وأما قولك: إنه لا ينبغي أن يسمع قولي ولا يؤخذ برأيي، فأنا