من أجناده وأهل الشام، ثم وضع لهم الأرزاق وأعطاهم وأمرهم بالسمع والطاعة لعبيد الله بن زياد، ثم أقبل عليه فقال له: يا بن زياد! أنت تعلم أن أبي مروان كان قد أمرك بالمسير إلى العراق على أنك تأتي الكوفة فتقتل أهلها وتنهبها ثلاثا، ثم إن الموت عاجله فمضى لسبيله، والآن فإني وليتك على هذا الجيش فسر نحو الجزيرة والعراق، فإذا فرغت من المختار فسر إلى مصعب بن الزبير فاكفني أمره، ثم سر إلى عبد الله بن الزبير بالحجاز فألحقه بأخيه مصعب، فإذا فرغت من ذلك فلك جميع ما غلبت عليه بسيفك من أرض الشام إلى مطلع الشمس. قال: فسار عبيد الله بن زياد من الشام ومعه ثمانون ألفا من الخيل والجنود حتى صار إلى بلاد الجزيرة ونزل أرض نصيبين.
قال: وبلغ ذلك عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني وهو يومئذ عامل المختار على الموصل وما والاها، فكتب إلى المختار يخبره بذلك. قال: وخرجت مقدمة عبيد الله بن زياد في عشرين ألفا نحو الموصل، وخرج عامل المختار عن الموصل هاربا حتى صار إلى تكريت فنزلها، وأقبل عبيد الله بن زياد في جيشه ذلك حتى نزل الموصل، وبلغ ذلك المختار فكتب إلى عبد الرحمن بن سعيد بن قيس:
أما بعد فقد بلغني أيضا كتابك وفهمت ما ذكرت من أمر عبيد الله بن زياد، وقد بلغني أيضا نزوله أرض الموصل ونزولك بتكريت، وقد لعمري أصبت الرأي في تنحيك من بين يديه إذ كنت لا تقوم لجيشه، فانظر لا تبرحن في موضعك ذلك حتى يأتيك أمري - والسلام -.
قال: ثم دعا المختار برجل من سادات الكوفة وشجعانهم يقال لهم يزيد بن أنس الأسدي، فقال له: يا يزيد! إنك قد علمت أن العاقل (1) ليس كالجاهل، وأن الحق ليس كالباطل، وإني أخبرك خبر من [لم -] (2) يكذب، ولم يخالف ولم يرتب، إننا نحن المؤمنون، الميامين المساليم العالمون (3)، وإنك صاحب الخيل العتاق، وفارس أرض العراق، وسنورد خيلك حياض المنون، ومنابت الزيتون، غائرة عيونها، لاحقة بطونها، وهذا ابن زياد قد أقبل في المحلين وأبناء القاسطين،