الزبير: فأنا لا أفارقكم أو تبايعوا طائعين أو مكرهين، قالوا: فإننا لا نبايع أبدا أو نرى صاحبنا هذا قد بايع. قال: فغضب ابن الزبير ثم قال: ومن صاحبكم؟ فو الله!
ما صاحبكم هذا برضي في الدين، ولا محمود الرأي، ولا راجح العقل، ولا لهذا الأمر بأهل. قال: فقال له رجل من القوم يقال له معاذ بن هانئ: أيها الرجل! إننا لا ندري ما يقول، ولكنا رأيناه على مثل هدانا وأمرنا وطريقتنا، وقد اعتزل الناس وما هم فيه، ونحن قعود بهذا الحرم لكيلا نقتل ولا نؤذى إلى أن يجمع الله أمر الأمة على ما شاء من خلقه، فندخل فيما دخل فيه الأسود والأبيض، فأجبناه على ذلك ولزمنا هديه وطريقته ومذهبه، ومع ذلك فإنه لا يعيش والسلام، ولا يكافئ بالسوء، ولا يغتاب الغائب ولا يمكر به، ثم إنه قد أمرنا أن نكف أيدينا ولا نسفك دماءنا، ففعلنا ما أمرنا به، ولعمري يا بن الزبير! لئن لم يخالفك أحد من الناس إلا كخلافنا إياك فإنه لم يدخل عليك في ذلك شيء من الضرر.
قال: ثم تقدم عبد الله بن هانئ وهو أخو هذا المتكلم فقال: يا بن الزبير!
إننا قد سمعنا كلامك وما ذكرت به ابن عمك من السوء، ونحن أعلم به منك وأطول له معاشرة، وهو والله الرجل البر، الطيب الطعمة، الكريم الطبيعة، الطاهر الأخلاق، الصادق النية، وهو من ذلك أنصح لهذه الأمة منك، لأنك أنت رجل تدعو الناس إلى بيعتك، فمن لا يبايعك استحللت ماله ودمه، وهو رجل لا يرى ذلك، وبعد يا بن الزبير فإننا ما خليناك وتركنا هذا الأمر أن تكونوا ولاة علينا إلا لمكان الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لأنكم أولى الناس بمنزلته وميراثه وقيامه في أمته، إذ كنتم من قريش، فإننا سلمنا إليكم هذا الأمر من هذا الطريق، فإن أنتم عدلتم بينكم كما عدلنا عليكم علمت أنت خاصة أن صاحبنا هذا محمد بن علي هو أهل لهذا الأمر وأولى الناس به، لمكان أبيه علي بن أبي طالب، فإن أبيت أن تقر بهذا الأمر أنه مكذب فإننا وجدناه رجلا من صالحي العرب، معروف الحسب، ثابت النسب، ابن أمير المؤمنين، وابن أول ذكر صلى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال: فغضب ابن الزبير وقال:
من ههنا أهزؤه وأوجؤه في قفاه! قال ابن هانئ: يا بن الزبير إن حرم الرحمن وجوار البيت الحرام الذي من دخله كان آمنا.
قال: ثم تقدم أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني فقال: يا بن الزبير! (إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين) (1) فقال ابن