شبث: يا بن كذا وكذا! أتركت بيع الصحناة (1) بالكناس ثم بايعت المختار الكذاب على قتال من أعتق رقبتك من الرق! قال: ثم قدمه شبث بن ربعي فضرب عنقه صبرا.
قال: ووقعت الهزيمة ثانية على أصحاب عبد الله بن مطيع حتى دخلوا أزقة الكوفة. فأقبل المختار في عساكره حتى وقف على أفواه السكك وأمر أصحابه بالقتال، فاقتتلوا قتالا لم يسمع به ولا بمثله. قال: وجعل السائب بن مالك الأشعري ينادي (2): ويحكم يا شيعة آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! إنكم قد كنتم تقتلون قبل اليوم، وتقطع أيديكم وأرجلكم من خلاف، وتسمل أعينكم، وتصلبون أحياء على جذوع النخل، وأنتم إذ ذاك في منازلكم لا تقاتلون أحدا، فما ظنكم اليوم بهؤلاء القوم إن هم ظهروا عليكم! فالله الله في أنفسكم وأهاليكم وأموالكم وأولادكم!
قاتلوا أعداء الله المحلين، فإنه لا ينجيكم اليوم إلا الصدق واليقين، والطعن الشزر، والضرب الهبر (3)، ولا يهولنكم ما ترون من عساكر هؤلاء القوم فإن النصر مع الصبر. قال: فعندها رمت الناس بأنفسهم عن دوابهم، قال: ثم جثوا على الركب وشرعوا الرماح وجردوا الصفاح وفوقوا السهام وثار القتام، واصطفقوا بالصفوف إصطفاقا، وتشابك (4) القوم اعتناقا، فصبر القوم بعضهم لبعض ساعة، وقتل من الفريقين جماعة، وانهزم أصحاب عبد الله (5) بن مطيع، واقتحم المختار وأصحابه الكوفة، وعلت الأصوات وتصايح المشايخ والنساء من فوق البيوت ونادوا: يا أبا إسحاق! الله الله في الحرم! قال: فصاح عليهن: لا بأس عليكن، الزموا منازلكن، فأنا السليط على المحلين الفاسقين أولاد الفاسقين.
قال: وجعل عبد الله بن مطيع ينادي بأعلى صوته: أيها الناس! إن من أعجب العجائب عندي عجزكم عن عصبة منكم قليل عددها، خبيث دينها، ضالة مضلة، يقاتلونكم على غير حق شجاعة منهم وجرأة على هذا الخلق، كروا (6)