باب الدار، ومضى المختار إلى منزله.
فلما أصبح أرسل إلى الشعبي فدعاه وقال: إني أعلم أنك لم تشاهد البارحة بما شهد أصحابي لا أنت ولا أبوك، فما منعكما عن ذلك؟ قال: فسكت الشعبي ولم يقل شيئا، فقال له المختار: تكلم بما عندك، أترى هؤلاء الذين شهدوا البارحة علي على حق شهدوا أم على باطل؟ فقال الشعبي: لا والله يا أبا إسحاق! ما أدري غير أنهم سادة أهل العراق وفرسان الناس ولا أظنهم شهدوا إلا على حق. وكان قد علم وتيقن أن المختار كتب ذلك من نفسه.
قال: وجعل إبراهيم بن الأشتر يختلف إلى المختار في كل ليلة فيجلس عنده ثم ينصرف إلى منزله فلم يزالوا كذلك أياما يدبرون أمرهم بينهم حتى اجتمعت لهم آراؤهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة خلت من شهر ربيع الآخر (1) سنة ست وستين.
قال: فوطنوا أنفسهم على ذلك هم وشيعتهم، فأقبل إياس بن مضارب (2) العجلي وهو صاحب شرطة عبد الله بن مطيع فدخل عليه وقال: أصلح الله الأمير!
إن المختار بن أبي عبيد خارج عليك لا محالة، وذلك أنه قد بايعه إبراهيم بن الأشتر، وفي ديوانه بضعة عشر (3) ألف رجل ما بين فارس وراجل، فخذ حذرك.
قال: فأرسل عبد الله بن مطيع إلى قواده فجمعهم ثم أخبرهم بالذي اتصل به من أمر المختار وما يريد من الخروج عليه، ثم قال: أريد منكم أن يكفيني كل رجل منكم ناحيته التي هو فيها، فإن سمعتم الأصوات قد علت في جوف الليل فتوجهوا إليهم بالخيل واكفوني أمرهم، فقالوا: نفعل ذلك أيها الأمير! فلا يهولنك أمر المختار ولا من بايعه، فإنما بايعه شرذمة من هؤلاء الترابية. ثم خرج القوم من عنده فصار عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني إلى جبانة (4) السبيع من همدان، فصار كعب بن أبي كعب إلى جبانة بشر، وصار زحر بن قيس إلى جبانة كندة (5) والشمر بن ذي