عليهم وامنعوا حريمكم ومصركم ودينكم. قال: فبينا عبد الله بن مطيع كذلك يشجع أصحابه ويحرضهم على القتال إذ بإبراهيم بن الأشتر وعبيد الله بن الحر قد أقبلا في قريب من أربعة آلاف فارس ما يرى منهم إلا الحدق. فلما نظر إبراهيم بن الأشتر إلى عبد الله بن مطيع نادى بأعلى صوته: أنا إبراهيم بن الأشتر! أنا ابن الأفعى الذكر! ثم التفت إلى أصحابه فقال: شدوا عليهم فداكم عمي وخالي! ولا يهولنكم أسماء قوادهم: شبث بن ربعي وحجار بن أبجر (1) والغضبان بن القبثري وسويد بن عبد الرحمن وفلان وفلان، فو الله لئن أذقتموهم حر الصفاح وشباة الرماح ولا وقفوا لكم أبدا، إيه فداكم أبي وأمي.
قال: ثم حمل ابن الأشتر وعبيد الله بن الحر وحمل الناس معهم، وحمل المختار من ناحية أخرى، وانهزم الناس حتى صاروا إلى باب المسجد الجامع، ودخل عبد الله بن مطيع إلى قصر الإمارة في حشمه وغلمانه ونفر من خاصة أصحابه، وأمر بباب القصر فغلق، وتفرق الناس وصاروا إلى منازلهم هاربين، وأقبلت الخيل حتى أحدقت بالقصر (2) فقال عبد الله بن مطيع: أيها الناس! إنه ربما غلب أهل الباطل على أهل الحق، وقد ترون غلبة المختار، فهاتوا الآن أشيروا علي برأيكم!
قال: فقال شبث بن ربعي: أصلح الله الأمير! الرأي عندي أن تأخذ لنفسك من هذا الرجل أمانا ثم تخرج إليه ونخرج معك، وإلا دام الحصار علينا في هذا القصر.
فقال عبد الله بن مطيع: والله إني لأكره لنفسي أن آخذ منه أمانا والأمور لأمير المؤمنين مستقيمة بأرض الحجاز وأرض البصرة وبلاد المشرق عن آخره. قال فقال له شبث بن ربعي: أيها الأمير! فتخرج إذا من القصر ولا يشعر بك أحدا فتصير إلى من تثق به من أهل هذا القصر فتنزل عنده أياما حتى يستقر المختار ويسكن شرة أصحابه فتخرج وتلحق بأصحابك. وأشار عامة من معه في القصر بمثل هذا.
فلما كان الليل جمع إليه أصحابه، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال (3): أما أنتم فجزاكم الله عني خيرا وعن أمير المؤمنين! وبعد فإني ما علمتكم إلا سامعين مطيعين وناصحين، وإنما خرج علي سفهاؤكم وعبيدكم، وأنا مبلغ ذلك صاحبي عنكم