ذكرت من سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وسيرة عثمان بن عفان فلسنا نقول في القوم إلا خيرا (1) غير أنا نحب أن تسير فينا سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فليس علي عندنا بدون عمر ولا عثمان، وإن فعلت ذلك وإلا فلست لنا بأمير ولا نحن لك برعية - والسلام -.
قال: وتكلم عامة الناس بما تكلم به السائب بن مالك الأشعري وقالوا:
أحسنت يا سائب! فلا يعدمك المسلمون! قال: فقال عبد الله بن مطيع: يا هؤلاء!
اسكتوا، فو الله ما نسير فيكم إلا بما تحبون.
قال: ثم نزل عن المنبر ودخل إلى منزله وأقبل إليه إياس بن (2) مضارب العجلي وهو صاحب شرطته، فقال: أصلح الله الأمير! إن الذي اعترض عليك في المسجد وقال ما قال هو رجل من الأشعريين من رؤساء أصحاب المختار، ولست آمن المختار أن يخرج عليك في عملك هذا، ولكن ابعث إليه الساعة فادعه إليك، فإذا جاءك فاحبسه إلى أن يستقيم أمر الناس، ومعه قوم من أهل مصرك هذا قد بايعوه سرا، وكأنك به وقد خرج عليك ليلا ونهارا. قال: فدعا عبد الله بن مطيع برجلين من أصحابه: أحدهما زائدة بن قدامة، و [الآخر] الحسين بن عبد الله الهمداني، وقال لهما: انطلقا إلى المختار فادعواه (3) إلي! قال: فأقبلا حتى دخلا على المختار، فسلما عليه ثم قالا: يا أبا إسحاق! أجب الأمير، فإنه يدعوك لأمر أحب فيه مشورتك. قال: فعمزه زائدة بن قدامة (4) وفهمها المختار فقال (5): يا غلام!
الق علي ثقيلا، فإني أجد في نفسي. قال: ثم رمى نفسه وتمثل بهذا البيت:
إذا ما معشر كرهوا أمورا (6) * ولم يأتوا الكريهة لم يهابوا ثم قال: ارجعا إلى الأمير فأعلماه حالي وما أجد في بدني. فقال له زائدة بن