على عسكر شرحبيل بن ذي الكلاع ونظر إليه صاح بأصحابه أن كبروا عليهم: يا سباع العراق! قال: فحمل أهل العراق على أهل الشام فانهزموا وقد ألقى الله الرعب في قلوبهم. قال: وسارت أهل الشام حتى وافوا أهل العراق بعين الوردة يزيدون على عشرين ألفا، وأهل العراق يومئذ في ثلاثة آلاف وثلاثمائة رجل. قال: ثم تعبي أهل الشام وكان على ميمنتهم جبلة بن عبد الله (1)، وعلى ميسرتهم ربيعة بن المخارق (2) الغنوي، وعلى جناحهم شرحبيل [بن] ذي الكلاع الحميري، وفي القلب الحصين. قال: وزحف القوم بعضهم على بعض. قال: وصاح أهل الشام: يا أهل العراق! هلموا إلى طاعة أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، فناداهم أهل العراق: يا أهل الشام! هلموا إلى طاعة أهل بيت النبوة، فإنهم أحق بهذا الأمر من بني مروان، أو ادفعوا إلينا ابن مرجانة عبيد الله بن زياد، قال: وجعل سليمان بن صرد ينادي بأعلى صوته: يا شيعة آل محمد! يا من يطلب بدم الشهيد ابن فاطمة! أبشروا بكرامة الله عز وجل، فو الله ما بينكم وبين الشهادة ودخول الجنة والراحة من هذه الدنيا إلا فراق الأنفس والتوبة والوفاء بالعهد! ثم كسر سليمان بن صرد جفن سيفه وتقدم نحو أهل الشام وهو يرتجز ويقول:
إليك ربي تبت من ذنوبي * وقد علاني في الورى مشيبي فارحم عبيدا غير ما تكذيبي * واغفر ذنوبي سيدي وحوبي ثم حمل ولم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة وقتل - رحمه الله (3) -.
قال: وتقدم المسيب بن نجبة الفزاري فجعل يطعن في أهل الشام وهو يقول:
لقد منيتم يا أخي جلادي * بيت المقام مقفص الأعادي ليس بفرار ولا حياد * أشجع من ليث عرين عادي (4) ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل - رحمه الله -. قال: وتقدم عبد الله بن