سعد بن نفيل الأزدي فأخذ الراية فرفعها لأهل الكوفة وجعل يقول: رحمكم الله!
إخوتي! (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (1) قال: وتقدم بالراية فجعل يطعن بها في أعراض أهل الشام وهو يقول:
ارحم الهي عبدك التوابا * ولا تؤاخذه فقد أنابا لا كوفة يبقى ولا عراقا * لا بل يريد الموت والعتاقا قال: ثم حمل ولم [يزل] يقاتل حتى قتل - رحمه الله (2) -.
قال: وتقدم رفاعة بن شداد البجلي نحو صفوف أهل الشام وهو يرتجز ويقول:
يا رب إني تائب إليكا * قد اتكلت شدتي عليكا قدما أزجى الخير من يديكا * فاجعل ثوابي علي لديكا ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى جرح، فرجع إلى أصحابه مجروحا، ثم التفت رجل من أهل المدائن (3) فقال: ويحكم يا أهل العراق! ما لكم بهؤلاء طاقة، وذلك أنا إذا قتلناهم لم يتبين ذلك عليهم لكثرتهم، وإذا قتلوا منا بان لهم ذلك لقلتنا، فارجعوا بنا رحمكم الله إلى بلدنا لعل الله أن يكفينا أمرهم. قال: فقال له عبد الله بن عوف بن الأحمر الأزدي: يا هذا الرجل! بئس والله ما قلت! لقد أشرت علينا بمشورة ما أردت بها إلا هلاكنا، والله لئن وليناهم الأدبار ليركبن أكتافنا فلا نبلغ إلا فرسخا واحدا حتى نقتل عن آخرنا. قال: وتقدم صخر (4) بن حذيفة وكان مزنيا (5) من خيار أهل الكوفة وزهادهم حتى وقف بين الجمعين ومعه يومئذ نيف عن ثلاثين رجلا من بني عمه، فأقبل عليهم فقال: يا بني عمي! إن هؤلاء الذين تقاتلونهم هم الذين قتلوا ابن بنت رسول الله الحسين بن علي رضي الله عنهما وساروا برأسه إلى يزيد بن معاوية منكوب الدماغ، يريدون بذلك الزلفى والمرتبة والجائزة، فانظروا ولا تهابوا الموت فإنه لاقيكم ولا ترجعوا إلى الدنيا التي (6) خرجتم منها فإنها