عبيد الله بن زياد - لعنه الله وأصحابه! فمن كان ينوي غير هذا فلا يصحبنا. قال:
فقال له صخير (1) بن حذيفة بن هلال المزني: صدقت رحمك الله! والله ما لنا خير في صحبة من الدنيا [همته ونيته -] (2)، وما أخرجنا إلا التوبة من ذنوبنا والطلب بدماء أهل بيت نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد علمنا أنا إنما نقدم على حد السيوف وأطراف الرماح. قال: فناداه الناس من كل جانب: ألا إنا لا نطلب الدنيا ولا (3) لها خرجنا.
قال: وتهيأ الناس للمسير وعزموا على ذلك، وجعل عبد الله بن عوف (4) بن الأحمر الأزدي يحرض الناس على ذلك ويذكر ما كان منه، فبدأ ذلك في أيام صفين وحروبها فأنشأ يقول:
صحوت وودعت الصبا والغوانيا * وقلت لأصحابي: أجيبوا المناديا وقولوا له إذ قام إلى الهدى * وقتل العدى (5): لبيك لبيك داعيا وشدوا له إذ سعر الحرب أزره * ليجزي امرؤ يوما بما كان ساعيا وقودوا إلى الأعداء كل طمرة * وقودوا إليكم سانحات المذاكيا وسيروا إلى القوم المحلين جنة * وهزوا حرابا نحوهم وعواليا ألسنا بأصحاب الحريبة والأولى * قتلنا بها ما كان حيران باغيا و نحن شمرنا لابن هند بجحفل * كركن حوى يرجى إليه الدواهيا فلما التقينا بين الطعن إننا * بصفين كان الأصرع المتهاديا دلفنا فأقبلنا صدورهم بها * غداة رددناها صماء صواديا فزدناهم من كل وجه وجانب * وجرناهم جور الدعا للمتاليا رميناهم حتى أرانا صفوفهم، فلم تر إلى ملجيا أو ركابيا وحتى ظللنا ما نرى من معقل * وألفيت للقتلى جميعا قداتيا وحتى استغاثوا بالمصاحف واتقوا * بها وقعات يختطفن المحافيا فدع ذا ولا تيأس له من ثوابه * وتب واغز للرحمن إن كنت غازيا ألا وانع خير الناس جدا ووالدا * حسينا لأهل الدين أن كنت ناعيا