الأزد يقال له عبد الله بن خازم وله امرأة يقال لها سهلة بنت سبرة، فلما سمع النداء وثب إلى ثيابه فلبسها، وأفرغ عليه سلاحه وأمر بإسراج فرسه، فقالت له ابنته: ما لي أراك متأهبا؟ فقال: إن أباك يريد أن يفر من ذنوبه، فقالت له امرأته: ما شأنك؟
ويحك! خبرني قضيتك، فقال: ويحك أيتها المرأة! إني سمعت الداعي (2) فأحببت أن أجيبه، وأنا أطلب بدم الحسين بن علي رضي الله عنهما وإخوته وأهل بيته رضوان الله عليهم حتى أموت أو يقضي الله في ذلك من أمره ما يحب ويرضى، قال: فقالت له امرأته: ويحك! على من تخلف أهلك وولدك؟ فقال: على الله وحده، قال: ثم رفع عبد الله بن خازم طرفه نحو السماء فقال: اللهم إني أستودعك أهلي وولدي فاحفظني فيهم، وتب علي مما فرطت في نصرة ابن بنت نبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم. قال: ثم خرج حتى لحق سليمان بن صرد.
قال: فعرض سليمان أصحابه، قال: وكانوا في ديوانه قبل أن يقدم المختار إلى الكوفة ستة عشر ألفا، فلما كان ذلك اليوم عرضهم إذا هم ألف رجل أو يزيدون قليلا (3). قال: فقال سليمان بن صرد: ما أظن هؤلاء مؤمنين، أما يخافون الله في الذين أعطونا من صفقة إيمانهم (4). قال: فقال له المسيب بن نجبة الفزاري: إنه لا ينفعك الكاره، ولا يقاتل معك إلا من خرج من نفسه، فلا تنتظرن أحدا وأكمش (5) أمرك واستعن بالله وتوكل عليه، وقل: لا حول ولا قوة إلا بالله.
قال: فعندها وثب سليمان قائما على قدميه متكئا على فرس له عربية فقال:
أيها الناس! إنه من كان إنما أخرجته معنا إرادة الله وثواب الآخرة فذاك منا ونحن منه ورحمة الله عليه حيا وميتا، ومن كان يريد متاع الدنيا وحرثها فلا والله! ما معنا فضة ولا ذهب (6)، ولسنا نمضي إلى شيء نحوزه ولا إلى غنيمة نأخذها، وما هي إلا سيوفنا في رقابنا، ورماحنا في أكفنا، ومعنا زاد بقدر البلغة إلى لقاء عدونا