يجاب، ويستغيث فلا يغاث، وبقي أكلته لرماحهم حتى قتلوه ثم عدوا عليه فسلبوه بعد أن قتلوا شيعته وانتهكوا حرمته، ألا! فانهضوا فقد سخط الله عليكم ولا ترجعوا إلى الحلائل والأبناء أبدا - رضي الله عنكم! ولا أظه راضيا دون أن تناجزوا من قتله أو شارك في دمه، ألا! فلا تهابوا الموت، فو الله ما هابه أحد قط إلا ذل! فانهضوا وكونوا كبراءة بني إسرائيل إذ قال لهم نبيهم موسى عليه السلام: (يقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عن بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم) (1)، ألا! فاحدوا الصفاح (2)، وركبوا أسنة الرماح (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) (3) ولا تهنوا عن لقاء الفاسقين.
قال: فعندها وثب خالد بن [سعد بن] (4) نفيل الأزدي فقال: أما والله! لو علمت أن قتلي نفسي يخرجني من ذنبي (5) ويرضي عني ربي إذا لقتلها، ولكن هذا الأمر إنما أمر به القوم من بني إسرائيل لما عبدوا العجل من دون الله فأمر الله سبحانه وتعالى نبيه موسى بن عمران أن يأمرهم بقتل أنفسهم عقوبة لهم، غير أني أشهدكم أن كل مال أصبحت أملك سوى فرسي وسلاحي فهو صدقة على المسلمين أقويهم على قتال الفاسقين.
ثم وثب [أبو] (6) المعتمر بن حنش بن ربيعة الكناني فقال: وأنا أيضا أشهدكم على ذلك فما أملكه فهو صدقة. قال: ثم وثب [أبو] الجويرية العبدي والأسود بن ربيعة الكندي فقالا مثل ذلك، وتبايعت الشيعة على مثل ذلك. قال: ثم إنهم قلدوا أمورهم سليمان بن صدر الخزاعي فجعلوه أميرهم وقائدهم، وعزموا على الخروج على قتلة الحسين رضي الله عنه، فاتفقت آراؤهم على أن يخرجوا في غرة ربيع الآخر (7)، ثم إنهم كتبوا إلى شيعة أهل البصرة وشيعة المدائن فخبروهم بما قد عزموا