أقبل إلى المسجد الأعظم فنزل، ثم دخل المسجد فصلى، واستشرف الناس ينظرون إليه ويقولون: هذا المختار بن أبي عبيد (1)، وما قدم إلا لأمر ونحن نرجو به الفرج.
قال: ثم قعد المختار في المسجد حتى صلى الظهر والعصر ونهض وعليه ثياب رثة حتى صار إلى باب المسجد فركب وأقبل حتى نزل في دار سلم (2) بن المسيب وهي داره التي لا تعرف إلا به. فلما كان من الغد بعث إلى وجوه الشيعة فدعاهم ثم قال لهم: اعلموا أني قد جئتكم من عند ولي الأمر، ومعدن الفضل، ووصي الوصي، والإمام المهدي، محمد بن علي ابن الحنيفة، بعثني إليكم أمينا ووزيرا وعاملا (3) وأميرا، وقد أمرني بقتال المحلين، والطلب بدم ابن بنت نبي رب العالمين، وهذا أمر لكم فيه الشفاء، وكشف الغطاء، وقتل الأعداء، وتمام النعماء. قالت الشيعة: يا أبا إسحاق! أنت موضع ذلك، غير أن الناس اجتمعوا إلى سليمان بن صرد الخزاعي وأنت تعلم أنه شيخ الشيعة اليوم فلا تعجل إلى أن تنظر [وينظر] ويؤول الأمر إلى ما تحب إن شاء الله ولا قوة إلا بالله. قال: فسكت المختار وأقام بالكوفة ينتظر ما يكون من أمر سليمان بن صرد (4).
قال: وعلم عبد الله بن الزبير أن المختار قد صار إلى الكوفة فاتقى أن يفسد عليه البلد، فأرسل إلى عامر بن مسعود الجمحي فعزله عن الكوفة وولى عليها [عبد الله بن يزيد الأنصاري، قال: فقدم عبد الله بن يزيد أميرا على الكوفة من قبل] عبد الله بن الزبير وقدم معه إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبد الله على خراج الكوفة (5). قال: وأقبل رؤساء أهل الكوفة على عبد الله بن يزيد (6) فسلموا عليه.
وهنؤه بالولاية، فقال لهم: يا أهل الكوفة! ما هذا الذي يبلغني عن سليمان بن صرد وأصحابه؟ فقالوا: أيها الأمير! يذكر أنه يطلب بدم الحسين بن علي رضي الله