لنا بها - والسلام.
قال: فكتب إليه محمد ابن الحنفية: أما بعد، فإننا قدمنا هذه البلاد بإذنك إذ كان موافقا لك، ونحن راحلون عنها بأمرك إذ كنت كارها لجوارنا - والسلام عليك ورحمة الله وبركاته -.
قال: ثم خرج محمد ابن الحنفية من أيلة راجعا إلى مكة ومعه أهل بيته وأصحابه وهو يتلو هذه الآية: (قال الملا الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين * قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) (1).
قال: ثم سار ابن الحنفية حتى صار إلى مدين، أقبل على أصحابه فقال: يا هؤلاء! أنتم نعم الإخوان والأنصار ما علمتكم، ولو كان عندي ما يسعكم لأحببت أن لا تفارقوني أبدا حتى تنجلي هذه الغمة، فإن أحببتم فانصرفوا إلى مصركم محمودين، فإنكم تقدمون إلى الناس وبهم إليكم حاجة، وأنا سأقدم إلى مكة إلى معاندة ابن الزبير، ولا أحب أن تكونوا مجهودين. قال: فعندها ودع أصحابه وانصرفوا إلى الكوفة، وبها يومئذ مصعب بن الزبير فأرسل إليهم فدعاهم، وقال من أنتم؟ وما أقدمكم إلى مصرنا هذا ذنبكم؟ فقالوا: نحن أصحاب محمد ابن الحنفية ولم نقدم لسوء، إنما قدمنا إلى بلدنا فاجعل لنا أرزاقنا واصطنعنا، وإن دخلت ذلك دخلنا في بيعتك وأقررنا في بلدنا وعشائرنا. قال: فأمرهم مصعب بن الزبير فبايعوه وأقاموا عنده.
ومضى ابن الحنفية بمن معه من أهل بيته ومواليه حتى نزل بشعب أبي طالب بمكة، وبلغ عبد الله بن الزبير فأرسل إليه أن ارتحل عن هذا الشعب أنت وأصحابك هؤلاء الذين معك، وإلا هلم فبايع. فقال ابن الحنفية لرسوله: ارجع إليه وقل له إن الله تعالى قد جعل هذا البلد آمنا وأنت تخيفني فيه، ولست بشاخص عن مكاني هذا أبدا إلى أن يأذن الله لي في ذلك، فاصنع ما أنت صانع! وجرى بينهم اختلاف