فشلتم وتنازعتم في الامر، وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة، ثم صرفكم عنهم ليبتليكم، ولقد عفا عنكم، والله ذو فضل على المؤمنين): أي وقد وفيت لكم بما وعدتكم من النصر على عدوكم، إذ تحسونهم بالسيوف، أي القتل، بإذني وتسليطي أيديكم عليهم، وكفى أيديهم عنكم.
قال ابن هشام: الحس: الاستئصال، يقال: حسست الشئ: أي استأصله بالسيف وغيره. قال جرير:
تحسهم السيوف كما تسامى * حريق النار في الأجم الحصيد وهذا البيت في قصيدة له وقال رؤبة بن العجاج:
إذا شكونا سنة حسوسا تأكل بعد الأخضر اليبيسا وهذان البيتان في أرجوزة له.
قال ابن إسحاق: " حتى إذا فشلتم ": أي تخاذلتم " وتنازعتم في الامر " أي اختلفتم في أمرى، أي تركتم أمر نبيكم وما عهد إليكم، يعنى الرماة " وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ": أي الفتح، لا شك فيه، وهزيمة القوم عن نسائهم وأموالهم، (منكم من يريد الدنيا): أي الذين أرادوا النهب في الدنيا وترك ما أمروا به من الطاعة التي عليها ثواب الآخرة (ومنكم من يريد الآخرة): أي الذين جاهدوا في الله، ولم يخالفوا إلى ما نهوا عنه، لعرض من الدنيا، رغبة فيها، رجاء ما عند الله من حسن ثوابه في الآخرة، أي الذين جاهدوا في الدين ولم يخالفوا إلى ما نهوا عنه، لعرض من الدنيا، ليختبركم، وذلك ببعض ذنوبكم، ولقد عفا الله عن عظيم ذلك، أن لا يهلككم بما أتيتم من معصية نبيكم، ولكني عدت بفضلي عليكم، وكذلك (من الله على المؤمنين " أن عاقب ببعض الذنوب في عاجل الدنيا أدبا وموعظة، فإنه غير