فحدثني يزيد بن رومان مولى آل الزبير عن عروة بن الزبير، ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك، ومحمد بن كعب القرظي، والزهري، وعاصم ابن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر، وغيرهم من علمائنا، كلهم قد اجتمع حديثه في الحديث عن الخندق، وبعضهم يحدث ما لا يحدث به بعض، قالوا:
إنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود - منهم: سلام بن أبي الحقيق النضري، وحيى بن أخطب النضري، وكنانة بن أبي الحقيق النضري، وهوذة بن قيس الوائلي، وأبو عمار الوائلي - في نفر من بنى النضير، ونفر من بنى وائل، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرجوا حتى قدموا على قريش مكة، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنا سنكون معكم عليه، حتى نستأصله، فقالت لهم قريش:
يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق [منه]. فهم الذين أنزل الله تعالى فيهم: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت، ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا، أولئك الذين لعنهم الله، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا)... إلى قوله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله): أي النبوة، (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما. فمنهم من آمن به، ومنهم من صد عنه، وكفى بجهنم سعيرا - 51، 55 من سورة النساء).
قال: فلما قالوا ذلك لقريش، سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه، من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا لذلك واتعدوا له. ثم خرج أولئك النفر من يهود، حتى جاءوا غطفان، من قيس عيلان، فدعوهم إلى حرب