صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك، وجه قافلا، حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا. فبات به بعض الليل، ثم أذن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجتي، وفى عنقي عقد لي، فيه جزع ظفار، فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدرى، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي، فلم أجده، وقد أخذ الناس في الرحيل، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه، فالتمسته حتى وجدته، وجاء القوم خلافي، الذين كانوا يرحلون لي البعير، وقد فرغوا من رحلته، فأخذوا الهودج، وهم يظنون أنى فيه، كما كنت أصنع، فاحتملوه، فشدوه على البعير، ولم يشكوا أنى فيه، ثم أخذوا برأس البعير، فانطلقوا به، فرجعت إلى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب، قد انطلق الناس.
قالت: فتلففت بجلبابي، ثم اضطجعت في مكاني، وعرفت أن لو قد افتقدت لرجع إلى. قالت: فوالله إني لمضطجعة إذ مربى صفوان بن المعطل السلمي، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس، فرأى سوادي، فأقبل حتى وقف على، وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب، فلما رآني قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم! وأنا متلففة في ثيابي: قال: ما خلفك يرحمك الله؟ قالت: فما كلمته، ثم قرب البعير، فقال: اركبي، واستأخر عنى. قالت: فركبت، وأخذ برأس البعير، فانطلق سريعا، يطلب الناس، فوالله ما أدركنا الناس، وما افتقدت حتى أصبحت، ونزل الناس، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقودني، فقال أهل الإفك ما قالوا، فارتعج العسكر (1) ووالله ما أعلم بشئ من ذلك.
ثم قدمنا المدينة، فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة، ولا يبلغني من ذلك شئ. وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى أبوى لا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا، إلا أنى قد أنكرت من رسول الله صلى الله