والذي نفس محمد بيده، إن شملته الآن لتحترق عليه في النار، كان غلها من فئ المسلمين يوم خيبر. قال: فسمعها رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه فقال: يا رسول الله، أصبت شراكين لنعلين لي، قال: فقال:
يقد لك مثلهما من النار.
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم، عن عبد الله بن مغفل المزني، قال:
أصبت من فئ خيبر جراب شحم، فاحتملته على عاتقي إلى رحلي وأصحابي.
قال: فلقيني صاحب المغانم الذي جعل عليها، فأخذ بناحيته، وقال: هلم هذا نقسمه بين المسلمين، قال: قلت: لا والله لا أعطيكه، قال: فجعل يجابذني الجراب. قال: فرآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصنع ذلك. قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا، ثم قال لصاحب المغانم: لا أبالك، خل بينه وبينه. قال: فأرسله، فانطلقت به إلى رحلي وأصحابي، فأكلناه.
قال ابن إسحاق: ولما أعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية بخيبر أو ببعض الطريق - وكانت التي جملتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومشطتها وأصلحت من أمرها أم سليم بنت ملحان، أم أنس بن مالك - فبات بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له، وبات أبو أيوب خالد بن زيد، أخو بنى النجار متوشحا سيفه، يحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويطيف بالقبة، حتى أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى مكانه قال: مالك يا أبا أيوب؟
قال: يا رسول الله، خفت عليك من هذه المرأة، وكانت امرأة قد قتلت أباها وزوجها وقومها، وكانت حديثة عهد بكفر، فخفتها عليك، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني.
قال ابن إسحاق: وحدثني الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، فكان ببعض الطريق، قال