وكان من حديثهم، كما حدثني أبي إسحاق بن يسار عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، وغيره من أهل العلم، قالوا: قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام، ودعاه إليه، فلم يسلم ولم يبعد من الاسلام، وقال: يا محمد، لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد، فدعوهم إلى أمرك، رجوت أن يستجيبوا لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أخشى عليهم أهل نجد، قال أبو براء: أنا لهم جار، فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو، أخا بنى ساعدة، المعنق ليموت، في أربعين رجلا من أصحابه، من خيار المسلمين، منهم:
الحارث بن الصمة، وحرام بن ملحان أخو بنى عدى بن النجار، وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر الصديق، في رجال مسمين من خيار المسلمين. فساروا حتى نزلوا ببئر معونة، وهي بين أرض بنى عامر وحرة بنى سليم، كلا البلدين منها قريب، وهي إلى حرة بنى سليم أقرب.
فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتله، ثم استصرخ عليهم بنى عامر، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه، وقالوا:
لن نخفر أبا براء، وقد عقد لهم عقدا وجوارا، فاستصرخ عليهم قبائل من بنى سليم [من] عصية ورعل وذكوان، فأجابوه إلى ذلك، فخرجوا حتى غشوا القوم، فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم، ثم قاتلوهم