لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول، فجلس عليه، ثم ضربه، فوثب به على ثلاث، فوالله ما أطلق عقاله إلا وهو قائم، ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى " أن لا تحدث شيئا حتى تأتيني "، ثم شئت، لقتلته بسهم قال حذيفة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلى في مرط (1) لبعض نسائه، مراجل قال ابن هشام: المراجل: ضرب من وشى اليمن.
فلما رآني أدخلني إلى رجليه، وطرح على طرف المرط، ثم ركع وسجد، وإني لفيه، فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غطفان بما فعلت قريش، فانشمروا راجعين إلى بلادهم.
قال ابن إسحاق: ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون، ووضعوا السلاح.
غزوة بني قريظة في سنة خمس فلما كانت الظهر، أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما حدثني الزهري، معتجرا بعمامة من إستبرق، على بغلة عليها رحالة (2)، عليها قطيفة من ديباج، فقال: أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال جبريل:
فما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم.