قال ابن هشام: وذكر عمر مولى غفرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم أحد قاعدا من الجراح التي أصابته، وصلى المسلمون خلفه قعودا.
قال ابن إسحاق: وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه حتى انتهى بعضهم إلى المنقى، دون الأعوص.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، رفع حسيل بن جابر، وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان وثابث بن وقش، في الآطام مع النساء والصبيان، فقال أحدهما لصاحبه، وهما شيخان كبيران: لا أبالك، ما تنتظر؟ فوالله ما بقى لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار، إنما نحن هامة اليوم أوغد، أفلا نأخذ أسيافنا، ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأخذا أسيافهما ثم خرجا، حتى دخلا في الناس، ولم يعلم بهما، فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون، وأما حسيل بن جابر، فاختلفت عليه أسياف المسلمين، فقتلوه ولا يعرفونه، فقال حذيفة: أبى، فقالوا: والله إن عرفناه، وصدقوا. قال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رجلا منهم كان يدعى حاطب بن أمية بن رافع، وكان له ابن يقال له يزيد بن حاطب، أصابته جراحة يوم أحد، فأتى به دار قومه وهو بالموت، فاجتمع إليه أهل الدار، فجعل المسلمون يقولون له من الرجال والنساء: أبشر يا بن حاطب بالجنة، قال: وكان حاطب شيخا قد عسا في الجاهلية، فنجم يومئذ نفاقه، فقال: بأي شئ تبشرونه؟ بجنة من حرمل! غررتم والله هذا الغلام من نفسه.